الصحافي فؤاد السعدي
برزت في الآونة الأخيرة، اتهامات متزايدة لحزب التجمع الوطني للأحرار ولرئيسه عزيز أخنوش بمحاولة توسيع نفوذه في المشهد السياسي المغربي، خصوصاً من خلال استحواذه على التعيينات في المناصب العليا، هذه التحركات لم تمر دون انتقادات، بل أثارت استياء داخل مختلف الأوساط السياسية، التي اعتبرت أن حزب “الأحرار” يسعى إلى السيطرة على مفاصل الدولة، في خطوة وصفها البعض بأنها “تغول سياسي” غير مبرر.
لا نختلف أنه من الطبيعي أن تسعى الأحزاب الحاكمة إلى تعزيز وجودها بمؤسسات الدولة، لكن عندما تتحول هذه الممارسات إلى محاولة للسيطرة المطلقة، فإن الأمر يتجاوز حدود المنافسة المشروعة إلى مرحلة تُهدد التوازنات السياسية والديمقراطية، فتعيين المقربين والموالين دون مراعاة الكفاءة والمعايير القانونية يثير مخاوف حقيقية حول استقلالية هذه المؤسسات، ويضعف الثقة في آليات التدبير، فالتغول ليس مجرد مصطلح سياسي عابر، بل هو إشارة إلى احتكار السلطة وإضعاف دور المعارضة، وهو ما يؤدي إلى اختلال في التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية، هو ما يتعارض مع مبادئ الديمقراطية والشفافية.
الأكيد أن استمرار هذا النهج يضع الدولة أمام سيناريو قد يهدد استقرار نسيجها السياسي، على اعتبار أن التحايل على القوانين وتجاوز المؤسسات الدستورية لا يضر فقط بالمؤسسات، بل يفتح الباب أمام أزمات سياسية قد تؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الخطير في هذا السياق هو أن تغول السلطة قد يدفع الفاعلين السياسيين إلى اللجوء لأساليب نضالية قد تعمّق الانقسام وتؤدي إلى حالة من الاستقطاب السياسي الحاد، وهو ما ينعكس سلبًا على ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية برمتها.
اليوم الحكومة مطالبة بإعادة النظر في سياسات التعيين، والالتزام بمبادئ الكفاءة والشفافية، حفاظًا على توازن القوى وحماية المؤسسات من الانحراف نحو المصالح الحزبية الضيقة، كما أن تعزيز الحوار بين مختلف الفاعلين السياسيين بات ضرورة ملحة لتجنب التصعيد وتخفيف التوترات.
وتبقى الديمقراطية الحقيقية رهينة بتوازن المؤسسات واحترام استقلاليتها، وأي مساس بهذا التوازن يفتح الباب أمام أزمات لا تحمد عقباها، فهل ستتحلى الحكومة بالشجاعة السياسية لمراجعة هذا المسار أم أننا أمام بداية مرحلة جديدة من الاحتقان السياسي؟