قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن الفساد في المغرب أصبح منظومة بنيوية وشاملة، واكتسب طابعًا معمماً نتيجة لغياب الديمقراطية الحقيقية. وأكد خلال ندوة نظمها حزب فيدرالية اليسار مساء السبت، أن الفساد والرشوة والريع أصبحت من الوسائل الأساسية التي تُستخدم لضبط المجتمع، مشيرًا إلى أن الفساد ليس منفصلًا عن مشكلة الديمقراطية، بل يتزايد في البلدان التي تشهد استبدادًا باعتباره أداة رئيسية لإدارة الشأن العام.

وأضاف الغلوسي أن القوى الديمقراطية في المغرب تواجه تحديين رئيسيين، الأول يتمثل في القمع المباشر، حيث تم إنشاء مراكز للتعذيب لمواجهة المعارضة، أما الثاني فيتمثل في فتح “الصنبور” لتمكين البعض من الاستفادة كما يشاؤون، مما يؤدي إلى ترويض النخب وتهميش الأصوات المطالبة بديمقراطية حقيقية.
وأوضح رئيس الجمعية أن هذا الوضع أسهم في تراجع النقاش حول قضايا هامة، مثل “الملكية البرلمانية”، وأدى إلى تراجع دور منظمات المجتمع المدني والصحافة، حيث أصبح الفاسدون يشعرون بالأمان ويعبرون عن أنفسهم دون خوف.
وأشار الغلوسي إلى أن قوى الفساد تعمل على تضييق الخناق على الصحافة والنشر بهدف نشر الخوف وتعزيز استمرارية الفساد. ورغم التراجع النسبي لهذه القوى بعد حراك 20 فبراير، فإنها بدأت في استعادة قوتها وتعبيرها العلني عن مصالحها، لا سيما داخل المؤسسات التمثيلية، حيث رفضت تمرير مواد معينة من مشروع قانون المسطرة الجنائية.
ووجه الغلوسي انتقادات حادة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، معتبرًا أن تصريحاته تعكس الضوء الأخضر الذي حصل عليه من لوبي الفساد للتحدث بهذا الشكل. وقال إن هذا يعكس شعور قوى الفساد بالقوة والأمان، وأنها لا تتردد في إعلان موقفها العلني ضد المجتمع المدني والجمعيات، وحتى ضد النيابة العامة، سعيًا لتحويل المؤسسات إلى هيئات صورية.
وفي ختام حديثه، أشار الغلوسي إلى أن هناك أصواتًا على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعمل على نشر الخوف والتضييق على المنتقدين من خلال التشهير، وهي ظاهرة لا يتم مواجهتها بنفس الطريقة التي يتم بها التعامل مع المدونين الآخرين. كما لفت إلى أن هناك محاولات لتقييد النيابة العامة وتحويلها إلى مجرد أداة تابعة للجهات الإدارية، بالإضافة إلى السعي لإلغاء أقسام جرائم المال العام، مما يبرز حجم تغول الفساد في البلاد.