لا حديث في الآونة الأخيرة إلا عن الطريقة التي يتم بها تدبير الميزانية السنوية للجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات الترابية والغموض الذي يكتنف آليات صرفها خصوصا وأنها تقدر بملايين الدراهم عبارة عن تحويلات سنوية من جميع الجماعات الترابية بالمملكة بالإضافة إلى دعم وزارة الداخلية.
وما يبعث على الإستغراب هو أن العديد من رؤساء الجماعات المحلية المنتمين للجمعية ومنهم أعضاء بمجلس إدارتها لا يملكون أدنى فكرة عن الصيغة والكيفية التي يتم بها تدبير ميزانية تسيير الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات المحلية، ولا يتوفرون على أجوبة مقنعة وشافية حول الأسباب الحقيقية وراء الشلل الذي أصاب هذه الهيئة منذ تولى منير الليموري عمدة مدينة طنجة رآستها مع العلم أنها تعتبر المخاطب والشريك الأساسي لوزارة الداخلية في مختلف الملفات والقضايا التي تهم هذه المجالس. والمدافع الجاد لتجاوز الاكراهات التي تواجه رؤساء مجالس الجماعات المحلية لممارسة مختلف الاختصاصات التي سطرها المشرع بالقانون 113-14 المتعلق بمجالس الجماعات بغية توضيحها وحل كافة الإشكالات لربح الرهانات الملقاة على عاتقها في مجال التنمية المحلية ومواكبة التنزيل السليم لمقتضيات دستور 2011 في مجال اللامركزية والحكامة الترابية، وتعزيز مقومات الديمقراطية التشاركية والمواطنة والعدالة الترابية وتقوية التضامن بين رؤساء الجماعات وتشجيع التعاون فيما بينهم.
الخطير في الأمر أنه رغم المكانة الاعتبارية التي تحظى بها هذه الهيئة وما تتمتع به من استقلالية معنوية لا زال التدبير المالي يخضع لنفس المعايير المعتمدة بالجمعيات الصغيرة أو جمعيات الأحياء التي ترتكز في طريقة صرف ميزانيتها على توقيع الرئيس وأمين المال، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الآليات القانونية التي اعتمدها رئيس الجمعية في عملية التوظيفات وطريقة صرف الأجور، وهل تم اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص عبر إقرار مباراة لاختيار الكفاءات أم منطق الزبونية والحزيبة هو من كان الغالب في هذا الأمر؟
فإذا كان مسعى حزب الأصالة والمعاصرة بعد انتخاب القيادة الثلاثية هو الانخراط والمساهمة الفعالة والناجعة لتحقيق الدينامية الطموحة والمجددة للفعل السياسي ولكيفيات البناء التنظيمي القوي والملتزم بميثاق تخليق الحياة العامة والحياة السياسية على حد سواء، هل سيبادر إلى رفع اللثام حول ما يقع من ممارسات بالجمعية ويكشف عن قائمة الأسماء التي تم توظيفها عن طريق التعاقد؟ وما هو السر وراء اختيار وكالة الأسفار بعينها لتكليفها بالسفريات والحجوزات الفندقية داخل وخارج المغرب مقابل استفادتها من ميزانية ضخمة دون الخضوع الى مسطرة طلب العروض؟ ألا تعتبر هذه الممارسات كافية لتحريك أجهزة الرقابة بما فيهم المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية ووزارة المالية من أجل إجراء عملية افتحاص شاملة لميزانية الجمعية في اطار تكريس مبدأ الحكامة الجيدة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة؟
المستقل