بعد أن أصبحت الهجمات السيبرانية تهديدًا متزايدًا للأمن الرقمي للدول والمؤسسات، تعرض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في المغرب لفضيحة كبيرة بعد تسريب عدد من الوثائق الحساسة للمؤسسة. هذه الفضيحة تسلط الضوء على تقصير الإدارة في حماية بيانات المواطنين، وفي مقدمتها المدير المسؤول عن الصندوق. ورغم أن البيان الرسمي الذي صدر عن المؤسسة بعد الحادث جاء ليؤكد أن الهجوم كان خارجيًا وأنه سيتم اتخاذ إجراءات لتدارك الموقف، إلا أن العديد من المراقبين يعتقدون أن هذا البيان جاء لتجنب تحميل المدير المسؤولية المباشرة عن هذا الخرق الأمني.

في دول متقدمة، يُعد تقديم الاستقالة بعد فشل في حماية النظام السيبراني خطوة حتمية في حال تعرضت مؤسسات بهذا الحجم لهجمات تؤثر على مصير ملايين المواطنين. لكن في المغرب، حيث تكثر الحصانات والامتيازات التي يحصل عليها المسؤولون، يصبح السؤال المطروح هو، هل فعلاً سيقدم المدير العام ل “CNSS” استقالته في هذه الحالة؟ أم أن المسؤولية ستظل مُلقى على من هم أدنى في السلسلة الإدارية؟
البيان الذي أصدره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حاول تحميل مسؤولية ما حدث لجهات خارجية، متجنبًا بشكل كامل تسليط الضوء على التقصير الواضح في تأمين البيانات وحماية النظام السيبراني. وبدلاً من أن يركز البيان على الإجراءات الفورية التي كان ينبغي اتخاذها، وعلى الرغم من التحقيقات التي ستُجرى، إلا أنه لم يشر إلى المسؤولية التي يتحملها المدير والإدارة العليا، الذين كان من المفترض أن يضعوا خططًا وقائية أكثر فاعلية لحماية الأنظمة الحساسة.
غير أن هذا السلوك لم يكن مفاجئًا في واقعنا المغربي، حيث أن المسؤولين غالبًا ما يتحملون تبعات فشل المؤسسات التي يديرونها دون أن يشعروا بأنهم مطالبون بتقديم استقالاتهم. وبدلاً من أن تكون هناك محاسبة حقيقية، فإن المسؤولين يحتفظون بمناصبهم، مدعومين بامتيازات مالية و سياسية كبيرة، في ظل غياب أي مساءلة حقيقية. في كثير من الأحيان، لا يترتب على هذه الفضائح أي نتائج ملموسة، ولا يُتخذ أي إجراء ضد الذين ثبت تقصيرهم، بل تجد هؤلاء المسؤولين يواصلون عملهم وكأن شيئًا لم يكن، لأنهم على يقين أن لا أحد سيحاسبهم.
ويبقى السؤال المطروح هو متى ستُحترم المسؤولية في المغرب؟ هل سيستمر المسؤولون في النجاة من تبعات أخطائهم من خلال استغلال مواقعهم، أم سيكون لهذا الحادث نقطة تحول في تعزيز ثقافة المحاسبة والمساءلة في البلاد؟
المستقل