بقلم : د.التجاني بولعوالي
استرعى انتباهي عمود في جريدة ستاندارد عنوانه “الإسلام في بلجيكا” للصحافي روبن مويجمان، رئيس قسم الاقتصاد في إدارة الجريدة، نشر فيه 52 مقالة عام 2016 خلال ستة أشهر متتابعة، وقد تناول فيها مختلف القضايا المتعلقة بالإسلام في بلجيكا، بدءا من الاقتصاد الإسلامي، مرورا بالذبيحة والحجاب والحج والمسجد والأصولية، وصولا إلى التربية الإسلامية.
يذكر كاتب العمود في المقالة الافتتاحية التي كتبها في 19 مارس 2016 أن المسلمين البلجيكيين يشكلون 7 في المائة من ديمغرافية البلد، أي ما يعادل واحد من كل أربعة عشر نسمة. ثم يضيف قائلا: “المسلمون جيران أو زملاء أو لديهم أطفال في نفس المدرسة مثلنا. ومع ذلك فنحن لا نعرفهم حقًا. على العكس من ذلك، يزرع الإسلام الخوف في كثير من الفلامنكيين. ويقول المعارضون إن المسلمين لن يندمجوا، ولن يتصالح دينهم مع المجتمع العلماني الغربي.” وتعليقا على هذا التشخيص الواقعي لحضور المسلمين في المجتمع الفلامانكي البلجيكي، نتساءل ما إذا كان الإسلام حقا يزرع الخوف في قلوب الكثير من الفلامانكيين، كما يشير مويجمان ربما ليس بغرض الحطّ من الإسلام، وإنما لوصف موقف المعارضين من الإسلام والمسلمين.
ثم ينتقل الكاتب إلى الطرف الآخر الذي هو المسلمون، ليطرح جملة من الأسئلة البليغة، والإشكالية في الوقت نفسه. “ما رأي المسلمين أنفسهم في هذا؟ ما الذي يهمهم؟ هل يغير المسلمون بالفعل المجتمع الفلامنكي أم أن المجتمع يغيرهم؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة للبلجيكيين الآخرين؟”
والجميل عند الصحافي روبن مويجمان أنه يحاول تقديم وجهة نظر موضوعية حول الإسلام في بلجيكا، وما يمت إليه بصلة من قضايا وأحداث إسلامية خارجية، كأنه يعيد تركيب قطع الصورة النمطية حول الإسلام بشكل يقطعها عن الماضي الاستشراقي والامبريالي، ويقرنها أكثر بحياة المسلمين العادية بكونهم يحملون أبعادا إنسانية لا تختلف عن غيرهم من البشر. وهو يرى أن “أسامة بن لادن والمقاتلين السوريين ومنفذي هجمات باريس، شكلوا بقوة صورة الإسلام. لكنك نادرا ما تسمع أي شيء عن مئات الآلاف من المسلمين العاديين في بلجيكا.” ثم إن عالم المسلمين العاديين يسحر لأنه أرض مجهولة بالنسبة للصحفي العادي. لذلك فهو يتوقع “اكتشاف المناظر الطبيعية الجميلة، ولكن أيضا الدخول إلى التضاريس الصعبة والتغلب على العوائق العرضية.” كما يتوقع أيضا العودة من هذه الرحلة عبر عالم المسلمين بثروة من المعرفة والحكمة.
ويختم مويجمان كلامه بأن التحدي الأكبر للصحافي هو تجنب الاستقطاب في تناول موضوع الإسلام والمسلمين، لذلك فمولينبيك أو مقاتلي سوريا ليسوا من أولوياته، لأنه كُتب بالفعل ما يكفي عن هذه القضايا. إنه يريد أن يعرف ببساطة إمكانات وصعوبات بناء مسجد في الفلاندر، وكيف ينظم التعليم الإسلامي.