يخلد المغرب، يوم السبت، اليوم الوطني للطفل الذي يعد مناسبة للتأكيد على أهمية انخراط كافة الفاعلين للنهوض بأوضاع الطفولة، واستحضار جميع الجهود التي تقوم بها المملكة لفائدة الأطفال، لاسيما التوجهات التي جاء بها النموذج التنموي الجديد وورش تعميم الحماية الاجتماعية، ومختلف التدابير الاجتماعية.
ويعتبر هذا الموعد السنوي، الذي أطلقه جلالة المغفور له الحسن الثاني، في خطابه السامي للمؤتمر الوطني الأول حول حقوق الطفل سنة 1994، فرصة للوقوف على حصيلة سنة كاملة في مجال النهوض بحقوق الطفل وتتبع تنفيذ السياسات والمخططات الوطنية في مجال النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها.
ويعكس الاحتفاء باليوم الوطني للطفل بالمغرب العناية الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لواقع الطفولة والارتقاء بأوضاعها، وكذا الانخراط الشخصي لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا مريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، من أجل النهوض بوضعية الطفل، وتعزيز مكانته.
ويأتي تخليد هذا اليوم الوطني، هذه السنة، في ظل دينامية غير مسبوقة ميزت السنوات الأخيرة في ما يتعلق بالنهوض بواقع الطفولة في المملكة، حيث تم إطلاق العديد من الأوراش الكبرى التي تهم النهوض بحقوق الطفل وحمايته، وتعزيز مكانته في المجتمع على شتى الأصعدة.
وفي مقدمة هذه البرامج، وضع السياسة المندمجة لحماية الطفولة (2015-2025)، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع تنفيذ السياسات والمخططات الوطنية في مجال النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها.
وتسعى هذه السياسة العمومية إلى وضع محيط حمائي للأطفال ضد جميع أشكال الإهمال، والاعتداء، والعنف والاستغلال، وهي بذلك تمثل إطارا استراتيجيا متعدد الاختصاصات، يضم ترسانة فعالة وشاملة تضم كل التدابير والبرامج والأنشطة الهادفة إلى حماية الأطفال، وإعطاء أجوبة من حيث التكفل والادماج والمتابعة.
وتستهدف هذه السياسة كل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة الذين هم في حاجة إلى الحماية، بما في ذلك الأطفال ضحايا الاعتداء والإهمال والعنف والاستغلال، والأطفال في وضعية هشة (الأطفال المحرومون من الوسط العائلي واليتامى، والمتخلى عنهم)، والأطفال في أسر فقيرة، وفي المناطق المعزولة، والأطفال في وضعية إعاقة، وغيرهم من الفئات الهشة.
وتعمل وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة على تنزيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة 2015-2025، وفق برنامج وطني تنفيذي يحدد التدابير الضرورية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الخمسة.
ولتعزيز الوقاية من مخاطر الأنترنت، أطلقت الوزارة، كذلك، “دليلا للأسر لحماية الأطفال من مخاطر الأنترنت”، حيث يقدم هذا الدليل أجوبة على أكثر الأسئلة تداولا، من أجل تعزيز معارف وكفاءات الأسر لمواكبة أنشطة أطفالهم على الأنترنت، وسبل الوقاية.
وعلاوة على ذلك، أطلقت الوزارة مشروع البرنامج الوطني المندمج للنهوض بكفالة ورعاية الأطفال المحرومين من السند الأسري (كفالة)، وبرنامج (مواكبة) للأطفال والشباب المقبلين على مغادرة مؤسسات الرعاية الاجتماعية، كما أطلقت مسار إعداد برنامج “كفالة” بتنسيق مع 13 قطاعا وزاريا، و5 مؤسسات عمومية تابعة للقطاعات الوزارية أو تحت إشرافها، والسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمرصد الوطني للتنمية البشرية، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، والعصبة المغربية لحماية الطفولة، و51 جمعية عاملة في مجال الطفولة، ومنظمة اليونيسيف.
وفي إطار تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، يشمل تعميم التعويضات العائلية حوالي 7 ملايين طفل في سن التمدرس، تستفيد منها 3 ملايين أسرة، خلال الفترة 2023-2024.
وعلى المستوى القانوني، حقق المغرب إنجازات تشريعية مهمة حيث صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية والثنائية التي من شأنها تكريس حقوق الطفل والنهوض بأوضاع الطفولة المغربية.
وبالنظر لظروف الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز نهاية السنة المنصرمة، فقد شهدت هذه السنة عدة مبادرات داعمة ومواكبة لفائدة الأطفال المتضررين من زلزال الحوز، تروم تخفيف معاناتهم وغرس الأمل في نفوسهم.
وفي هذا الصدد، وتجسيدا للعناية المولوية الموصولة بفئة الأطفال، أعطى جلالة الملك أوامره بإحصاء الأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأضحوا بدون موارد إثر الزلزال ومنحهم صفة مكفولي الأمة التي تمكنهم من الاستفادة من الدعم المادي والمعنوي الممنوح من طرف الدولة والمتمثل، أساسا، في إعانة إجمالية بمبلغ شهري حُدّد في 1250 درهم.
كما يستفيد هؤلاء الأطفال من مجانية العلاجات الطبية والجراحية والاستشفاء والتشكيلات الصحية المدنية والعسكرية التابعة للدولة، وتخفيضات التنقل عبر كافة وسائل النقل السككي، بالإضافة إلى دعم مالي عند كل دخول مدرسي وإعانة مالية بمناسبة عيد الأضحى لكل عائلة. كما ستكون لهؤلاء الأطفال الأسبقية في الالتحاق بمؤسسات التعليم والتكوين وفي الحصول على المنح الدراسية والأسبقية لولوج المناصب العمومية لإدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.
وتحظى قضية الطفولة، بشكل عام، باهتمام خاص من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بحيث تكون حاضرة في كل تقاريره السنوية، وكذا في مختلف تقاريره الموضوعاتية وآرائه.
ويبقى هذا الموعد السنوي فرصة لجذب الانتباه إلى فئة هامة من المجتمع وتكثيف حملات التوعية بشأن ضرورة حماية الأطفال من شتى أشكال العنف والاستغلال والإهمال.