تشهد مدينة طنجة في الأشهر الأخيرة ركودًا اقتصاديًا واضحًا يُعزى جزء كبير منه إلى السياسات غير الفعالة للوكالة الحضرية، التي باتت تشكل عقبة رئيسية أمام تحفيز الاستثمار، فقد أصبحت طريقة معالجة الملفات داخل هذه الوكالة مثالًا صارخًا على البيروقراطية التي تثقل كاهل المستثمرين، خصوصًا أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذين يواجهون مساطر معقدة وغير مبررة للحصول على تصاميم تعديلية مرخصة عند القيام بأشغال التهيئة لاستغلال مشاريعهم تجاريًا.
فليس من المنطقي اليوم أن تخضع طلبات مشاريع بسيطة مثل المحلات التجارية الصغيرة أو المقاهي لنفس الإجراءات المفروضة على المشاريع الكبرى كالعمارات والمجمعات السكنية، وهو ما يعكس افتقار الوكالة الحضرية بطنحة للمرونة اللازمة لتلبية احتياجات المستثمرين، إضافة إلى ذلك، فإن تأخر إصدار هذه التصاميم لفترات طويلة، قد تصل إلى شهور، يؤدي إلى خسائر مالية فادحة يتحملها هؤلاء، بما في ذلك مصاريف الإيجارات، وأجور المستخدمين، وتكاليف الفواتير المء والكهرباء والأخرى، دون أن يكون لهم أي ذنب في هذا التأخير.
تعقيد الإجراءات داخل الوكالة الحضرية بطنجة لا يؤدي فقط إلى تعطيل الاستثمار، بل يفتح الباب أمام “الفساد” الزبونية، كما أن تعقيد المساطر أيضا يجعل العديد من المستثمرين مضطرين للجوء إلى وسائل ملتوية، مثل الرشوة أو الوساطة، لتسريع معاملاتهم، مما يؤدي إلى هدر موارد مالية كبيرة على خزينة الدولة، ويفاقم من انتشار المحسوبية في القطاع. هذا الوضع يتناقض بشكل صريح مع المبادئ الدستورية التي تؤكد على الحق في تبسيط الإجراءات الإدارية أمام المواطنين، فإذا كانت الإدارة بطيئة وغير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، فلماذا يتحمل المواطنون كلفة هذا البطء؟
أمام هذه الوضعية المعقدة، تقع على عاتق الوالي يونس التازي مسؤولية التدخل العاجل لحل هذه الإشكالات، من خلال إعادة هيكلة الوكالة الحضرية لتصبح أكثر كفاءة وفعالية، مع وضع معايير واضحة وسهلة لتصنيف المشاريع حسب طبيعتها، وتخصيص مساطر مبسطة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تسريع وتيرة معالجة الملفات، وتوفير بيئة أعمال مشجعة تستعيد ثقة المستثمرين.
فتحسين بيئة الأعمال بالمدينة ضرورة ملحة لضمان تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، من خلال تحويل الوكالة الحضرية من كونها عقبة أمام الاستثمار إلى شريك فعّال في دعمه، وذلك لن يتحقق إلا من خلال إصلاح جذري لطريقة عملها وحزم أكبر في مواجهة أي ممارسات تعرقل التنمية.
المستقل