يحتفل العالم أجمع، اليوم السبت، باليوم الدولي للترجمة، الذي يصادف 30 شتنبر من كل شهر؛ من خلال التوقف عند الدور الذي يضطلع به المتخصصون في اللغات لتيسير الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية، وكذا للتحسيس بشأن دور هؤلاء المهنيين اللغويين في تقارب الأمم وتعزيز السلام.
وفي هذا الحوار الذي خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، يتحدث الأستاذ مراد زروق، أستاذ مادة الترجمة بمسلك الدراسات الإسبانية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق، التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عن تدريس الترجمة داخل الجامعة المغربية، والتحديات التي يعاني منها القطاع في مواجهة الثورة الصناعية الراهنة.
1. كيف تقيمون واقع الترجمة كمهنة في المغرب؟
قطاع الترجمة التحريرية بالمغرب قطاع مهيكل عموما، مقارنة مع بلدان المنطقة، والدول الأوروبية أيضا؛ إذ حظيت الترجمة الرسمية في بلادنا بتنظيم محكم، تحت وصاية وزارة العدل. هناك قائمة رسمية للتراجمة المقبولين لدى المحاكم، الذين توكل إليهم مهمة ترجمة الوثائق الرسمية، حيث تسهر جمعية “التاج” على تنظيم هذا القطاع. وبالنسبة للترجمة غير الرسمية، فهناك سوق حرة تتنافس فيها شركات مختلفة.
أما في ما يتعلق بالترجمة الشفهية، فالمغرب يعد وجهة بارزة لتنظيم الندوات والمؤتمرات. كما يضم عددا من المنظمات والمؤسسات الرسمية التي تنشط في المغرب. وعموما يمكن القول إن المترجمين الفوريين بالمغرب يتمتعون بسمعة طيبة إقليميا ودوليا، وحتى في المنظمات التي يشتغلون فيها بشكل قار.
2. ما السبيل لتعزيز الترجمة داخل الجامعات المغربية؟
لدينا مدرسة جامعية وحيدة متخصصة في تدريس مادة الترجمة، وهي مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، وتستقبل الطلبة الحاصلين على الإجازة، بعد تقدمهم لمباراة الولوج للمدرسة. كانت هناك تجارب من جامعات أخرى في إطار برامج للماستر المتخصص في الترجمة، وكانت نتائجها متفاوتة على العموم.
سيكون من المفيد خلق مسالك في الترجمة في مرحلة الإجازة، تفتح في وجه الطالب مباشرة بعد حصوله على شهادة البكالوريا؛ إذ إنها ستكون تجربة غنية قد تكون نتائجها إيجابية، بالنظر إلى أن الطالب عند حصوله على البكالوريا، يمكن توجيهه توجيها صحيحا لينفتح على التخصصات التي تتفرع عن دراسات الترجمة. كما لا يجب أن ننسى مسألة العنصر البشري، أي الأساتذة المتخصصين في تدريس مادة الترجمة، وهم قليلون في الوقت الحالي.
3. كيف تهدد الترجمة الآلية، والتكنولوجيا بصفة عامة دور العنصر البشري في الترجمة؟
في سياق الثورة التكنولوجية الرابعة، يجدر بنا
الحديث عن الترجمة الآلية وعلاقة الترجمة بالذكاء الاصطناعي. كثر الحديث في السابق عن هذه الثنائية (العنصر البشري والآلة)، وكانت العلاقة في الماضي علاقة تصادمية بينهما. الآن، ومع تطورت الترجمة الآلية، صار لدينا مسار ثالث وهو مسار التكامل بين العنصر البشري والترجمة الآلية.
وحتى عندما نتكلم عن الذكاء الاصطناعي، فإننا لا يمكن أن نجزم بأن هذا المد الهائل من التكنولوجيا سيجعل الترجمة تخصصا للآلة فحسب؛ إذ إن اللغة لها خلفية ثقافية قوية جدا، وهي ليست فقط مجموعة من العناصر التي تسمح بصياغة جمل وأفكار معينة، بل ارتباطها قوي بالثقافة، ومتجذر في مجموعة من العناصر التي تجعلنا نحتفظ بالعنصر البشري، ليكون متكاملا مع هذا التقدم التكنولوجي الهائل.