يشكل اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، الذي يخلده المغرب في 30 مارس من كل سنة، فرصة سانحة لتقييم السياسات العامة والاستراتيجيات الوطنية التي تسعى إلى إدماج هذه الفئة ضمن النسيج المجتمعي.
ومما لا شك فيه أن المغرب قطع خلال السنوات الأخيرة، أشواطا مهمة للنهوض بأوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة مكنت من تذليل الكثير من العقبات أمام الاندماج التام لهذه الفئة، لا سيما من الناحية القانونية. غير أن تحديات سوسيو ثقافية لا زالت تواجه الأشخاص في وضعية إعاقة وهو ما يتطلب بذل مزيد من الجهود خاصة على مستوى التحسيس والتوعية.
وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام لجمعية الحمامة البيضاء لحماية الأشخاص في وضعية إعاقة، أحمد عيداني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الجانب التشريعي الذي يعنى بإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب شهد تقدما كبيرا، داعيا إلى الاستمرار في تطويره.
وأوضح أن “هذا التقدم يقاس من خلال ترسانة قانونية قوية، وعلى رأسها القانون الإطار 97/13 ، مؤكدا على ضرورة تنزيل هذه القوانين على أرض الواقع، بما في ذلك تعزيز مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة، ورفع مستوى الوعي بين المجتمع بأكمله وفرض عقوبات زجرية، من أجل معركة أكثر فعالية ضد الصور النمطية.
كما استحضر السيد عيداني أهمية البرنامج الوطني للتعليم الدامج للأطفال في وضعية إعاقة بحلول عام 2028، باعتباره مبادرة تهدف إلى “الإدماج وليس التكامل، مما يفتح الحق في التفرد والاختلاف”.
من جهتها، أكدت الأخصائية والمعالجة النفسية رقية الهوري، أن البرامج التي تعنى بدعم وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة عرفت في السنوات الأخيرة تقدما ملموسا، لا سيما التي تتعلق بتنمية مهارات هذه الفئة والاستجابة لحاجياتهم من أجل تحقيق عدد من الأهداف الأساسية، والتي تتمثل في خلق التوازن والتوافق داخل المجتمع، وبالتالي ضمان جودة الصحة النفسية والاستقلالية الذاتية لهؤلاء الأشخاص.
وأشارت السيدة الهوري إلى ضرورة التمييز بين أنواع الإعاقات، وفقا لمعايير التشخيص الطبي، داعية بالمناسبة إلى إلزامية تضافر جهود الأخصائيين، خاصة النفسيين بمختلف تخصصاتهم الفرعية، من أجل القيام بالتشخيص الدقيق لنوعية الإعاقة بغية إيجاد الطرق المناسبة للعلاج والمواكبة والدعم.
وبخصوص نظرة المجتمع للأشخاص في وضعية إعاقة، قالت إن “هذه النظرة “غير الصحيحة” عادة ما ينتج عنها مجموعة من الاضطرابات النفسية والسلوكية لدى الشخص في وضعية إعاقة، كالقلق ونوبات الهلع والعدوانية وعدم التركيز، وانعدام الثقة في النفس”، مضيفة أن “هذه الفئة لا تزال تواجه بعض الصعوبات، لا سيما المتعلقة بالولوجيات، والاندماج في سوق الشغل”.
وأوضحت السيدة الهوري أن المؤسسات المعنية بهذا القطاع تقوم بمجهودات حثيثة من أجل النهوض بهؤلاء الأشخاص، في إطار السياسات العمومية، وتمكينهم من حقوقهم بشكل كامل، عبر وضع عدد من البرامج والاستراتيجيات الوطنية لتجاوز المشاكل والتحديات المرتبطة بهذه الفئة.
ومن الناحية النفسية، أكدت السيدة الهوري أن المختص يقوم كمرحلة أولى بتشخيص الحالة المرضية وتحديد نوعية الإعاقة وخطورتها وتداعياتها، وذلك عبر عدد من الاختبارات الإكلينيكية، من أجل تحديد الطريقة المناسبة للدعم النفسي والعلاجي، مشيرة إلى أن جانب التكفل النفسي يعتبر محورا ضروريا في تعديل سلوك الأشخاص في وضعية إعاقة، من أجل الوصول إلى الاستقلالية الذاتية والثقة في النفس، والحد من بعض الأعراض المرضية، عبر علم النفس التحليلي والعلاج الإنساني، وعلم النفس الحيوي، والعلاج المعرفي السلوكي.
ولفتت إلى أن “الإدماج والمواكبة تتطلبان دراسة أكاديمية ميدانية، خاصة على المستوى القروي، من أجل توفير كل أشكال الدعم اللازم وتوفير جميع الخدمات على المستوى الطبي، والاجتماعي، والنفسي…”.