
أوضح محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن المرحلة الراهنة تتطلب تعزيز وتيرة الإصلاح، وتوسيع نطاق التنسيق، وترسيخ ثقافة المساءلة داخل المؤسسات العمومية. وأضاف بنعليلو، خلال كلمته في المؤتمر الإقليمي حول النزاهة العامة، المنظم بشراكة مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بالرباط على مدى يومين، أن معيار النجاح لا يقاس بمجرد وجود الاستراتيجيات، بل بمدى قدرتها على تحقيق أثر ملموس على سلوك المؤسسات وحياة المواطنين. واعتبر أن الإصلاح الحقيقي يظهر في جودة الخدمات المقدمة في المدارس والمستشفيات والإدارات، وفي شعور المواطن بالعدالة والإنصاف.
وأشار إلى أن انخراط هيئة النزاهة طواعية في برنامج مؤشرات النزاهة العامة للمنظمة لم يكن خطوة تقنية فحسب، بل قرارًا سياديًا يعكس إيمانًا راسخًا بأن الشفافية تشكل رصيدًا للثقة ومصدرًا جديدًا للشرعية مبنيًا على الكفاءة والمساءلة، لا عبئًا على الحكومات.
وأكد أن هذا المؤتمر ليس مجرد لقاء تقني أو مناسبة لتبادل العروض والتقارير، بل يشكل فرصة للتقييم الجماعي، والمساءلة على المستوى الإقليمي، وتجديد الحوار حول منظومة النزاهة والشفافية داخل المؤسسات العمومية، من خلال التفاعل المباشر مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات التي وضعتها المنظمة.
وأبرز بنعليلو أن هذا الحدث يمثل محطة نوعية تتلاقى فيها التجارب وتتقاطع فيها الإرادات، لتعزيز المساءلة الذاتية حول قدرة الدول على الانتقال من النصوص القانونية إلى الممارسات الفعلية، ومن الإصلاح المعلن إلى الإصلاح المتجذر في الأداء اليومي للمرافق العامة.
كما أشار إلى أن تحليل البيانات التي جمعتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يظهر أن المؤشرات الكمية لم تتحول بعد إلى تغييرات نوعية ملموسة في سلوك المؤسسات، أو إلى زيادة حقيقية في ثقة المواطنين في الخدمات العامة. واعتبر أن هذا الوضع يطرح سؤالًا أساسيًا حول كيفية تحويل القوانين والهياكل التنظيمية والاستراتيجيات إلى ممارسات عملية، تعكس قيم النزاهة في القرارات الإدارية والسياسات العمومية، مع ضمان تنفيذ القوانين بفعالية، وامتلاكها داخل الإدارة، واستدامة أثرها في المجتمع من خلال إشراك المواطنين والمجتمع المدني في تقييم السياسات العمومية وصناعة القرار.
