بعد شهرين من تأسيس المنظمة الوطنية لمهنيي الصحة الدستوريين، أشرف محمد جودار، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، اليوم الأحد بالدار البيضاء، على تأسيس الرابطة الدستورية للقانونيين، في مؤتمر تأسيسي انعقد تحت شعار، “معًا من أجل المطالبة بالحق والالتزام بالواجب”.

وفي كلمته خلال المؤتمر، أكد جودار أن تأسيس الرابطة يشكل محطة أساسية لتجميع الطاقات القانونية بمختلف تخصصاتها، وتعزيز التواصل بين مكونات القطاع القانوني، بهدف تطوير الممارسة القانونية والمساهمة في إنتاج تشريعات أكثر انسجامًا مع تطورات المجتمع وحاجياته. وأشار إلى أن دور مهنيي القانون في بناء الدولة الحديثة لا يقل أهمية عن باقي القطاعات، فهم الساهرون على التطبيق السليم للقوانين، والمدافعون عن الحقوق، والحريصون على ترسيخ مبادئ العدل والمساواة.
وأبرز جودار التقدير الخاص الذي يوليه الملك محمد السادس لمهنيي القانون والعدالة، مستشهدًا بلحظة ارتداء الملك لبذلة المحاماة خلال اجتماع اتحاد المحامين العرب في نونبر 2000، كتعبير رمزي ورفيع عن اعتزازه بهذه المهنة النبيلة، واعترافًا بدورها المحوري في إقامة العدل.
ولم يُغفل الأمين العام الإشارة إلى الأدوار الجوهرية التي يلعبها الأساتذة الجامعيون والباحثون القانونيون، باعتبارهم من يضعون الأسس الفكرية للتشريع، ويساهمون في تطوير المنظومة القانونية من خلال البحث الأكاديمي، وتكوين أجيال جديدة قادرة على تقديم حلول مبتكرة للإشكالات القانونية المتجددة.
وتوقف جودار عند النقاش الدائر حول مراجعة مدونة الأسرة، مؤكدًا أهمية تقديم المهنيين القانونيين للشروحات اللازمة حول المستجدات التي ستأتي بها المدونة، لضمان فهم أوسع للمقتضيات الجديدة التي ستحكم العلاقات الأسرية. كما شدد على ضرورة التصدي للمغالطات التي قد تثار خلال هذا النقاش، عبر تقديم قراءات علمية دقيقة تستند إلى الاجتهادات القضائية والتجارب التشريعية المقارنة، بما يُسهم في تكوين رأي عام مستنير، معتبراً أن دور الفاعلين القانونيين لا يقتصر على التفسير والتوضيح فقط، بل يشمل تقديم مقترحات وتعديلات حين يُعرض مشروع القانون على البرلمان.
وأبرز الأمين العام أن المنظومة القانونية المغربية تشهد اليوم مراجعات عميقة تشمل مشاريع قوانين حاسمة، مثل المسطرة الجنائية المعروضة حاليًا على البرلمان، والقانون الجنائي المنتظر إخراجه إلى حيز التنفيذ، وهي مشاريع تفرض متابعة دقيقة وانخراطًا إيجابيًا لضمان إنتاج تشريعات تحقق التوازن بين حماية الحقوق والحريات، وتعزيز سيادة القانون وضمان الأمن القانوني.
وخاطب جودار أعضاء الرابطة، مؤكدًا أن مسؤوليتهم تتطلب العمل الجاد والتنسيق المستمر لتعزيز الثقافة القانونية داخل المجتمع، والانخراط الفاعل في التوعية بالتشريعات حتى تكون في متناول الجميع، مشددًا على أهمية استمرار التواصل بين مكونات الرابطة لتبادل التجارب والخبرات، وتقديم مقترحات عملية تسهم في تطوير المنظومة القانونية.
ودعا الأمين العام أعضاء الرابطة إلى تكثيف جهودهم في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى، عبر الترافع العلمي المدعوم بالأدلة القانونية والأكاديمية، وفضح الادعاءات الزائفة التي تروجها الجهات المعادية، من خلال خلق شراكات مع الهيئات القانونية الدولية لتعزيز موقف المغرب على الساحة الدولية.
واعتبر جودار أن تأسيس هذه الرابطة ليس مجرد خطوة تنظيمية، بل هو تجسيد لالتزام حزب الاتحاد الدستوري بتعزيز دور مهنيي القانون في الدفاع عن دولة الحق والقانون، مشددًا على أن الرابطة يجب أن تكون فضاءً للحوار، ومنصة فعالة لتعزيز مكانة القانونيين داخل المجتمع، وصرحًا يسهم في تقوية التعاون بين جميع الفئات المهنية العاملة في الحقل القانوني.