بقلم : إدريس رحاوي
تشكل الخدمات القنصلية أحد الجوانب الحيوية في حياة مغاربة العالم، حيث يعتمدون عليها بشكل كبير لتسيير شؤونهم الإدارية والقانونية. ورغم الجهود المبذولة لتحسين هذه الخدمات، إلا أن التحديات المرتبطة بالاستثمار في المغرب تظل عائقاً رئيسياً أمام مشاركة مغاربة العالم في التنمية الاقتصادية للبلاد.
من أبرز العقبات التي يواجهها مغاربة العالم في هذا السياق هي تعقيد مساطر الاستثمار، التي تتسم بالبيروقراطية وكثرة الإجراءات الإدارية. هذه العوائق تجعل من الصعب عليهم تحويل مدخراتهم إلى مشاريع استثمارية على أرض الوطن. فالكثير من المغاربة المقيمين بالخارج يتطلعون إلى الاستثمار في بلدهم الأم، سواء في قطاعات مثل العقارات، أو الزراعة، أو السياحة، أو الصناعات الناشئة. ومع ذلك، يجدون أنفسهم أمام عراقيل تتعلق بتصاريح البناء، والتراخيص، وتسجيل الشركات، والحصول على التمويلات، مما يثنيهم عن المضي قدماً في مشاريعهم.
الحكومة المغربية مطالبة بإحداث إصلاحات جذرية لتبسيط مساطر الاستثمار، وتقديم حوافز تشجيعية، وتسهيل الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالفرص الاستثمارية. يمكن أن يتجلى ذلك من خلال إنشاء مكاتب خاصة لخدمة مغاربة العالم في المراكز القنصلية، تكون مهمتها تقديم الدعم والتوجيه في كل ما يخص الاستثمار. كما يجب تفعيل دور المنصات الرقمية لتوفير إجراءات إلكترونية بسيطة وسريعة، تسهل عملية التسجيل وإنشاء المشاريع دون الحاجة إلى التنقل بين المؤسسات المختلفة.
على الحكومة أيضاً تعزيز الشفافية في التعامل مع المستثمرين المغاربة بالخارج، وضمان حماية حقوقهم القانونية، وتوفير بيئة استثمارية مشجعة تتسم بالاستقرار والوضوح. تحقيق ذلك ليس فقط من شأنه جذب استثمارات إضافية من مغاربة العالم، بل سيعزز أيضاً الثقة بينهم ووطنهم، مما يدفعهم للإسهام بشكل أكبر في تنمية البلاد.
إذا كانت الخدمات القنصلية تمثل بوابة التواصل بين مغاربة العالم ووطنهم، فإن تسهيل مساطر الاستثمار يمثل المفتاح الذي يفتح آفاق التنمية الاقتصادية، ويحول تطلعات المغاربة بالخارج إلى واقع ملموس يسهم في بناء مستقبل مشرق للمغرب.