يقترب أنبوب الغاز المغربي النيجيري من تقدم مهم، بعد مؤشرات إيجابية لاجتماعات رفيعة المستوى بين الدول المستضيفة لما سيكون لأكبر خط أنابيب بحري في العالم.
وبطول 5 آلاف و600 كيلومتر، يمر أنبوب الغاز عبر حدود 12 دولة في غرب أفريقيًا، وصولًا إلى أراضي المغرب ومنها إلى أوروبا المتعطشة للإمدادات عبر إسبانيا، وفق بيانات تتابعها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
وشارك مسؤولون من 12 دولة وممثلون عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” وأجهزة حكومية مغربية في محادثات استمرت 5 أيام بشأن الأنبوب بمدينة الرباط خلال الأسبوع الماضي بين يومي 15 و19 يوليو/تموز 2024.
وسجّل الاجتماع تجديد الالتزام بدعم المشروع في ضوء أهميته البالغة للدول المشاركة، مرحّبين بالتقدم الخاص بتقييم الأثر البيئي ودراسات الجدوى وأطر العمل ذات الصلة.
وبالنظر إلى كونه مشروعًا عابرًا للحدود، تتولّى الإيكواس مهمة التنسيق بين الدول لتيسير إبرام المعاهدات والاتفاقيات بين الدول المستضيفة وإقامة سلطة عليا لخط الأنابيب والتنسيق مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية.
تطورات أنبوب الغاز المغربي النيجيري
يُعول على مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري لتحفيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل وتحسين سبل الوصول إلى مصادر الطاقة.
كما نالت قدرته على تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي اهتمامًا دوليًا؛ إذ تسعى القارة العجوز إلى إيجاد مصدر موثوق للإمدادات بديلًا عن الغاز الروسي الذي تسعى لتجنبه عقابًا لموسكو بعد غزوها لأوكرانيا في مطلع عام 2022.
ويستهدف الخط نقل 3 مليارات قدم مكعبة يوميًا أو قرابة 30 مليار متر مكعب سنويًا من غاز نيجيريا صاحبة أكبر احتياطيات الغاز عالميًا عبر ساحل غرب أفريقيا إلى المغرب.
ويوضّح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تصدُّر نيجيريا لقائمة أكبر احتياطيات الغاز في أفريقيا عام 2023:
وفي المقابل، لا يكفي الإنتاج المحلي احتياجات السكان؛ ولذلك فالمغرب يستورد ما يصل إلى 90% من احتياجات الطاقة؛ إذ يُنتج 10% فقط من الاستهلاك المحلي.
وحضر اجتماع الأسبوع الماضي ممثلون عن موريتانيا والسنغال وغامبيا وغينيا بيساو وسيراليون وليبيريا وكوت ديفوار وغانا وبنين ونيجيريا وشخصيات بارزة من مجموعة الإيكواس والحكومة المغربية.
يُشار هنا إلى أن ملكية خط الأنابيب ترجع إلى شركة النفط الوطنية النيجيرية (NNPCL) والمكتب الوطني المغربي للهيدروكاربورات والمعادن (ONHYM).
وركّزت المباحثات على سبل دفع المشروع قدمًا من مرحلة التخطيط إلى بدء البناء، وفق تقرير لصحيفة “موروكو ورلد نيوز” (Morocco World News).
وأكّد المكتب الوطني المغربي إحراز خطوات كبيرة فيما يتعلق بالانتهاء من إعداد دراسات الجدوى وتقييمات الأثر البيئي للمشروع وإطار العمل القانوني الضروري لتنفيذ المشروع الضخم.
وبحسب المكتب المغربي، أحرز المشروع تقدمًا كبيرًا أيضًا في صياغة الاتفاق المستقبلي بين حكومات الدول المشاركة والمستضيفة للمشروع.
وبدورهم، أعرب ممثلو البلدان المشاركة عن ارتياحهم إزاء التقدم المحرز، مجددين التزامهم الراسخ بشأن دعم “المشروع الإستراتيجي” الذي أطلقه ملك المغرب محمد السادس، ورئيس نيجيريا السابق محمد بخاري، والمزايا الكبيرة المتوقعة على مستوى قطاعات الطاقة والاقتصاد والمجتمعات بالمنطقة.
تحديات كبيرة
رغم الإمكانات الهائلة التي يحملها مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري للسكان واقتصادات دول غرب أفريقيا وعلى رأسها المغرب ونيجيريا؛ فإن تحديات كبيرة تعترض طريقه.
ومن المتوقع أن تصل تكلفة المشروع إلى 25 مليار دولار، وسيتطلب استثمارات ضخمة.
وما يفرض تحديات إضافية، المشهد الجيوسياسي المعقّد بالمنطقة ومنه القضايا المرتبطة بالأمن والاستقرار السياسي مثل انقلاب النيجر وسرقة وتخريب خطوط أنابيب النفط في نيجيريا.
ولم يحدد موعد محدد لبدء إنشاء خط أنابيب الغاز، وتأجّل مؤخرًا موعد اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بشأنه.
وسبق أن عقد وزير النفط النيجيري إكبيريكبي إكبو، اجتماعًا في 24 يناير/كانون الثاني (2024) مع وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب ليلى بنعلي، بهدف تسريع إصدار قرار الاستثمار النهائي في ضوء مذكرة التفاهم المبرمة بين البلدين في أبوجا خلال عام 2022.
اجتماع الوفدين النيجيري والمغربي في أبوجا – الصورة من شركة النفط النيجيرية بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني
وكان من المتوقع اتخاذ القرار في ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري، لكن مديرة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أمينة بنخضرة توقعت، في تصريحات صحفية حديثة، صدوره في مطلع العام المقبل (2025).
ونظرًا إلى ضخامة المشروع، أكدت مصادر مطّلعة في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة أنها لم تتفاجأ بتأجيل قرار الاستثمار النهائي؛ لأن المغرب حدد من البداية موعد اتخاذ القرار خلال المدة بين 2024 أو 2025.
وإذ دعت أمينة المستثمرين والصناديق السيادية وشركات النفط والمصارف إلى المشاركة، أعلنت نجاح اتفاق يتضمّن شراء أوروبا كل إنتاج الغاز فور توصيل أنبوب الغاز المغربي النيجيري بخط أنابيب المغرب أوروبا.
ويخطط المغرب ونيجيريا لتأسيس شركة مسؤولة عن تنسيق التمويل والبناء والتشغيل لخط أنابيب الغاز، على أن يُفتح رأسمالها أمام المستثمرين من الصناديق السيادية أو المصارف التنموية أو التجارية أو شركات النفط الكبرى.
الطاقة