دكتور التيجاني بولعوالي
بينما وأنا أتنزّه في محل لبيع الكتب ومختلف المواد المستعملة في مدينة خينت، حيث أسكن، إذا بي أصادف هذا “البراد المغربي” النحاسي المنقوش بإتقان. وقلت في قرارة نفسي أن قصته قد تكون طويلة ومثيرة، وربما حزينة، قبل أن يحط الرحال في هذا المكان، وسوف لا محالة تمتد فصول قصته مع شخصية أخرى (أو شخوص أخرى) تشتريه إما للزينة والتأثيث، وإما لتذويب نحاسه واستعماله من جديد لصياغة أو صناعة منتوج آخر، فيصير مصيره أكثر كآبة وحزنا ومأساة، تماما كما صار مصير العديد من المهاجرين المغاربة والجنوبيين!
انتبهت من غفوتي، وأنا أسرح في قصة “البراد المغربي”، فوجدتني أمسك بمقود السيارة، وأنا أهمّ بمغادرة المكان على صوت الشيخ القزابري العذب، الذي يحرك كما العادة في وجداني تمغربيت بطعم آخر؛ ديني وروحي، أو بالأحرى يحمل إلي تمغربيت من مكان قصي ليخفف عني وطء الغربة والبعاد والحنين.