أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، اليوم الاثنين بمجلس المستشارين، أن المغرب نجح في توفير الإطارات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والتنظيمية لتدبير الحماية الاجتماعية بمختلف أشكالها، بفضل توفره على إرادة أكيدة لتطوير منظومته الحمائية، وفي مقدمتها إرادة ورعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس ورؤيته الاجتماعية للتنمية.

وأضاف الطالبي العلمي في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن الأهمية المركزية لمنظومة الحماية الاجتماعية في التشريع الوطني وفي السياسات العمومية تتبيّن من خلال النصوص التشريعية التي صادق عليها البرلمان منذ 1970، والبالغ عددها 138 نصا، منها 28 قانونا خلال الولاية الحالية.
وقال إن هذه المنظومة، التي حققت نجاحات هامة وملموسة، ما تزال تواجه عدة تحديات وإشكالات، تتعلق خصوصا بالتمويل ومصادره، وتواضع الموارد مقابل الطموحات والحاجيات، والارتفاع المتزايد لأعداد المحتاجين إلى الحماية الاجتماعية، مما يتطلب الإبداع والاجتهاد في طرق ومصادر التمويل.
وأشار في هذا السياق إلى أهمية التضامن بين الأجيال وبين الفئات، وجعل عائد مدخرات مساهمات ذوي الدخل في الصناديق الاجتماعية منتجة، وذات مردودية، وقادرة على تغطية نسب أكبر من اعتمادات الإنفاق على الحماية الاجتماعية.
وتابع في هذا الصدد “إذا كانت نسبة 55 في المائة فقط من كلفة تعميم الحماية الاجتماعية تتأتى من مساهمات الأفراد، فإن المجهود العمومي لتمويل الحصة المتبقية، بقدر ما يبرهن على الابتكار في إيجاد الحلول، وفي هندسة إنفاق المداخيل العمومية، وعلى أن المغرب في الطريق الصحيح، بقدر ما يستدعي توسيع قاعدة المساهمات، توخيا لاستدامة المنظومة وتقوية أسسها وتجويد مردوديتها”.
كما أشار إلى أن تحدي وإِشكال الاستدامة، خاصة بسبب التحولات في الهرم الديموغرافي، يتسبب في اختلالات بين حجم المساهمات وقاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالتقاعد أو التغطية الصحية أو الدعم المالي للفئات المستحقة.
وتطرق السيد الطالبي العلمي كذلك إلى تحدي وإشكال الهندسة المؤسساتية للهيئات والصناديق التي تدبر الحماية الاجتماعية والتدخلات العمومية في المجالات الاجتماعية، مما قد يؤثر على مردودية التضامن باعتباره قيمة حاكمة ومركزية في الحماية الاجتماعية، ويجعل أثرها دون الطموحات.
واعتبر أن ما تحقق في مجال تعميم الحماية الاجتماعية وحرص الجميع على استمرار نجاعة المنظومة، يتطلب تعزيز الحكامة الجيدة التي تضمن الولوج إلى مختلف الخدمات بشكل متيسر، والشفافية في التدبير، والتواصل مع المواطنين، وهذا ما تشجعه اليوم التكنولوجيا الرقمية، وحرص مختلف المؤسسات والفاعلين على تقدير نُبل الحماية الاجتماعية كمنظومة للتضامن الوطني والاجتماعي.
وبالتأكيد، يقول رئيس مجلس النواب ، “فإن هذا الحرص والتتبع، هو ما أنتج اليوم حصيلة جد إيجابية في أداء المنظومة، ومردوديتها على الرغم من حداثتها”، مضيفا أنه ينبغي في مقابل توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، توفير بنيات التكفل والاستقبال وتجويد الخدمات، حتى يلمسَ المواطن أثر الحماية المكفولة له.
وخلص السيد الطالبي العلمي إلى أن “الحماية الاجتماعية، باعتبارها مشروعا ملكيا، ليست مرتبطة بالولايات الحكومية أو التشريعية، بل هي مشروع وطني، وطُموح أمة، يُنجز بفضل العناية والرعاية الملكية، ويُنفذ من قبل السلطات العمومية وفق الرؤية الحصيفة لجلالة الملك، وينبغي أن نتعبأ جميعا من أجل إنجاحه وضمان استدامته وجودته”.
وتناقش دورة هذه السنة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، موضوع “تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب رؤية تنموية بمعايير دولية”.
وتتوزع أشغال الدورة على جلستين، تتناول الأولى “الإطار العام لمنظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب وتحديات ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية ذات الصلة”، فيما تهم الثانية “الآثار الاقتصادية والاجتماعية لتعميم للحماية الاجتماعية، وتحديات نجاعة واستدامة المنظومة في ضوء الممارسات المقارنة”.