
بقلم : محمد العربي / بروكسل
السادة المحترمون،
تحية وطنية خالصة ممزوجة بالغيرة الصادقة على رموز وطننا العزيز المغرب،
يشرفني أن أوجه إليكم هذه الرسالة المفتوحة بصفتي مواطناً مغربياً غيوراً على بلده وهويته، متألماً مما آلت إليه بعض التصرفات المسيئة التي تمس بقدسية أعيادنا الوطنية، وعلى رأسها ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، تلك الملحمة التي سطرها المغاربة جميعاً بقيادة جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، والتي تبقى رمزاً للوحدة والكرامة والسيادة.
لكن للأسف الشديد، نتابع اليوم بأسى عميق محاولات بئيسة لتحويل هذه الذكرى الوطنية الغالية إلى سلعة تجارية تباع وتشترى باسم الوطنية، من خلال تنظيم حفلات ومناسبات ظاهرها الاحتفال وباطنها الربح السريع واستغلال العواطف الوطنية.
حفلات أصبحت مسرحاً لتلميع الوجوه الباهتة، ومجالاً لفرض الوجود الزائف عبر استغلال رموز الوطن وشعاراته. إن من المؤلم أن نرى بعض “المنظمين” يقدمون هذه المناسبة المجيدة كواجهة لترويج مشاريعهم الخاصة، بل ويستعملون بعض المؤثرين الباحثين عن الشهرة بأي ثمن، أولئك الذين يلهثون وراء الأضواء في مستنقعات الوهم والابتذال، دون أدنى احترام لمعنى الوطنية ولا لرمزية المناسبة.
ولأن الصورة يجب أن تُباع قبل المضمون، نرى محاولات بائسة لملء القاعات الفارغة ببيع التذاكر بأي وسيلة ، واعطاء المؤثرين التذاكر بالمجان ، فقط لتبدو الحفلة ناجحة أمام الكاميرات. إنها قمة التسول الفكري والانحدار الأخلاقي حين تُختزل المسيرة الخضراء – رمز النضال والوحدة – في عرض تجاري رخيص لا يمت للفكر ولا للوطنية بصلة.
إننا نناشد من هذا المنبر المسؤولين المغاربة المقيمين أو الممثلين الرسميين للمملكة المغربية الشريفة في بلجيكا، بعدم الانخراط أو المشاركة في مثل هذه المسرحيات الزائفة التي تمس صورة الوطن وتسيء إلى رموزه وتضحيات أبنائه. فالوطنية ليست لافتة تُرفع فوق قاعة حفلات، ولا شعاراً يُردد في مناسبة تجارية، بل هي سلوك وموقف ووفاء دائم للوطن وملكه وشعبه.
الوطن لا يُباع، والمسيرة الخضراء ليست مناسبة لتسويق الأوهام.
ومن العار أن تُستغل مناسبة مجيدة كهذه في إظهار “العضلات الشيطانية” لأشخاص يبحثون عن مجد زائف على حساب تاريخ أمة بأكملها.
عاشت المملكة المغربية الشريفة،
وعاشت المسيرة الخضراء رمزاً للوحدة، لا مطية للمصالح الشخصية.
