تحول شارع القناصل في العاصمة المغربية الرباط من مقر للبعثات القنصلية والديبلوماسية مطلع القرن العشرين، إلى مركز تجاري وقبلة للسياح. ويضم الشارع مواقع أثرية ومعمارية تعود لحقب تاريخية قديمة. وقد استفاد عدد منها من عمليات الترميم التي أطلقتها الحكومة المغربية في عدد من المدن العتيقة.
ففي قلب المدينة العتيقة للرباط، يوجد شارع القناصل الحافل بالذكريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إلى غاية بدايات القرن العشرين، ظل هذا الشارع محج العديد من السفراء والبعثات الديبلوماسية، ولا سيما من أوروبا.
بعض من هؤلاء كانوا يقدمون للتفاوض على إطلاق سراح السجناء، فيما أقام العديد منهم في مقرات يخضع بعضها اليوم لعملية الترميم.
ويقول المؤرخ المغربي، نور الدين بلحداد، لـ”سكاي نيوز عربية”: “كنا نجد القنصل الفرنسي والبريطاني والإسباني والبلجيكي والهولندي ناهيك عن العديد من الفسيفساء الاجتماعية.. هنا استقر العنصر الأندلسي والعنصر المسيحي والعنصر اليهودي والعنصر الزنجي الإفريقي في إطار عمليات نقل البضائع التجارية من المرفأ الموجود هنا إلى هذه الدور التجاري”.
ويعد شارع القناصل جزءا رئيسيا من الشارع الموحدي الأصلي، الذي كان يربط غرب المدينة بواجهتها الشرقية. ويقع على مشارف مصب وادي أبي رقراق، حيث كانت ترسو مراكب الملاحة التجارية الدولية.
وعلى ضفاف النهر، شُيّدت آنذاك دُور القناصل، بشكل لصيق بقصبة الأوداية، التي تعود إلى عهد المرابطين الذين حكموا منطقة المغرب الإسلامي بداية من القرن الهجري الخامس.
وفي حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، يقول المختص في تراث وتاريخ الرباط، محمد السمار: “كان يتمركز هنا عدد كبير من القنصليات والقناصل نظرا لهذا الموقع.. قربه من الميناء ومن قصبة لوداية”.
وتؤرخ النقوش المزركشة على الحجارة والأبواب الخشبية لحقبة كانت الإقامة فيها داخل هذه الأحياء حكرا على فئة الديبلوماسيين. أما العمران في روافد هذا الشارع فهو شاهد على شكل المواقع الأثرية والمعالم الحضارية لرباط الفتح.
غاب عن هذا الشارع التاريخي النشاط القنصلي، الذي تميز به طيلة ثلاثة قرون. لكنه ما يزال يشكل مركزا تجاريا وحرفيا، يستمر إلى اليوم في جذب الزوار، المغاربة منهم والقادمين من مختلف أقطار العالم.
وكالات