إقدام غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجة على تنظيم “المناظرة الجهوية للسياحة” يثير الكثير من التساؤلات حول أولوياتها وجدوى مبادراتها، خاصة في ظل السياق الراهن الذي يواجه فيه قطاع السياحة تحديات حقيقية تتطلب تعاملاً جاداً ومؤثراً.
من خلال الاطلاع على تفاصيل هذه “المناظرة”، نجد أنها امتدت على مدى أربعة أيام، وهي مدة تبدو طويلة وغير مبررة، خصوصاً عندما نقارنها بمناظرات وطنية ذات بعد استراتيجي، التي غالباً ما يتم اختزالها في يوم واحد لتحقيق الغاية دون إهدار للوقت والمال، إن التكرار وغياب الجديد في البرنامج المعلن لهذه المناظرة يشير إلى غياب رؤية واضحة أو أهداف قابلة للتحقيق، مما يحوّل المبادرة إلى مجرد استعراض شكلي لا يخدم القطاع.
الأكثر إثارة للدهشة هو تنظيم الغرفة للمناظرة بطريقة أحادية، دون إشراك حقيقي لممثلي المهنيين أو الجهات الفاعلة المعنية بالسياحة في الجهة، هذا التوجه الأحادي يضعف مصداقية المناظرة ويجعلها تبدو وكأنها مجرد محاولة لإثبات الذات أو تقليد الآخرين، بدلاً من معالجة القضايا الجوهرية التي تهم القطاع.
علاوة على ذلك، يأتي توقيت هذا الحدث في ظل غياب مجالس إقليمية فعالة للسياحة في مدن رئيسية مثل طنجة وشفشاون، ما يطرح تساؤلات حول أولويات الغرفة وفعاليتها في التعاطي مع المشكلات الأساسية، فإذا كان الهدف الحقيقي هو دعم القطاع، فإن البدء بتقوية البنية التنظيمية للسياحة في الجهة كان يجب أن يكون الخطوة الأولى، بدلاً من الإنفاق على فعاليات شكلية تستنزف المال العام دون طائل.
من المؤسف اليوم أن تتحول مناظرة كان يفترض أن تكون منصة لتطوير السياحة إلى مجرد وسيلة لامتصاص غضب داخلي بين أعضاء الغرفة، وفق ما يعتقد البعض، الحفلات والفعاليات الترفيهية المصاحبة، التي لا تضيف أي قيمة حقيقية للقطاع، تجعل هذه “المناظرة” أقرب إلى لقاء ترفيهي منها إلى نقاش جاد حول واقع السياحة ومستقبلها.
أما إذا أردنا الحديث عن النموذج والقدوة في دعم القطاع، فإن الممارسة تكشف عن تناقض واضح، كيف يمكن لمنتخبين يقضون عطلاتهم في أوروبا أن يسوقوا التراب السياحي لجهتهم؟ التسويق للسياحة يبدأ من القناعات الشخصية والقدوة، وهو ما يفتقده الكثير من الفاعلين السياسيين والمنتخبين.
لقد آن الأوان لمراجعة مثل هذه المبادرات، بحيث تكون مدروسة ومبنية على رؤية تشاركية واضحة تخدم التنمية السياحية وتستجيب للتحديات الحقيقية بدلاً من الانغماس في استعراضات شكلية لا تترك أثراً ملموساً، إذا أردنا أن نرتقي بالقطاع، علينا أن نرتقي بممارساتنا ومبادراتنا أولاً.
المستقل