صار من الناحية السياسية والأخلاقية على المكتب المسير لمجلس جماعة مكناس أن يقدم حصيلة عمله خلال السنتين ونيف قصد إبراز الانجازات والاخفاقات والانتظارات، في إطار تكريس قيم المكاشفة السياسية القائمة على الانصات والوضوح والموضوعية والتقييم والتصويب.
فالمتتبع للواقع البئيس للشأن المحلي لمدينة مكناس لن يجد أدنى حرج في تقييم هذه الفترة الإنتدابية، وكشف أوجه الاختلالات التي طبعتها سواء على المستوى الذاتي أو الموضوعي. بل ولن يجد صعوبة في رصد مجموعة من النواقص التي أثرت ولازالت تؤثر بشكل سلبي على الحصيلة التدبيرية لأزيد من سنتين من عمر مجلس الجماعة.
لقد عكست أشغال الدورة العادية لشهر فبراير الجاري بؤس تدبير رئيس جماعة مكناس ومكتبه المسير، وفضحت زيف إدعاءاته بأن الحصيلة التدبيرية خلال فترة ولايته عرفت تطورا ملحوظا، في حين، أن الحقيقة التي يبلع الرئيس لسانه لتفادي كشفها لساكنة مكناس هو أن المشاريع الجاري اليوم إنجازها هي ثمرة مجهودات المجلس السابق، بمعنى لا نصيب له فيها لا من بعيد ولا من قريب. وأن تصريحات باحجي للصحافة ما هي محاولات تدليس الحقائق، وإنعكاس صريح لحالة العجز الذي يتخبط فيه المجلس الجماعي. فالرجل لا يمتلك الشجاعة الكافية من أجل مصارحة المكناسيين على أنه فشل بمعية مكتبه المسير للأسف الشديد في تسجيل ولو انجاز واحد يرقى الى انتظارات الساكنة التي كانت تعقد آمالا كبيرة على هذا المجلس بالنظر للمكونات السياسية التي تشكل أغلبيته.
فواقع الحال يوضح بشكل صارخ حجم الخصاص والتهميش، الناتج عن قلة المشاريع التنموية القادرة على فك العزلة عن مدينة لطالما انتظرت فرصتها من أجل الاستفادة من المشاريع التنموية على غرار باقي المدن المغربية.
تتزامن الحصيلة الصفرية للمجلس الجماعي مع وضع عام بالمدينة يستبطن كل عوامل الكبح لأي أفق تنموي واعد، في ظل استمرار حالة انتظار مبادرات ميدانية للسلطة المحلية التي لا زالت بصمتها غائبة عن تحريك عجلة التنمية بالمدينة منذ أزيد من ثمان سنوات، بل إنها “السلطة المحلية” للأسف أبانت عن عجز كبير في تدبير ملفات لها ارتباط كبير بملف التنمية المحلية، وعن فشل أكبر في إيجاد مقاربة ذات بعد اقتصادي واجتماعي قادرة على انتشال المدينة من مستنقع الضياع.
ولعل ما يزيد الأمر استفحالاً هو عملية انزواء مجموعة من الفعاليات المدنية الجادة، ممن اختارت الاشتغال بعيداً عن الأضواء، فاسحة المجال لبروز “ظواهر بشرية” تحاول الانتساب إلى المجتمع المدني زوراً وبهتاناً، في محاولة بئيسة لتقمص دور “الاصلاحي” الذي يترافع عن مصالح الساكنة، لكن في حقيقية الأمر ما هي إلا محاولة لتحسين شروط التموقع ضمن شبكة توزيع المنافع والمصالح مستغلة في ذلك لغة التهديد والوعيد والابتزاز والتخويف.
ويبقى السؤال بعد تقديم هذه الوضعية المزرية عن الواقع التنموي للمدينة، حول ماهية انتظارات الساكنة خلال ما تبقى من عمر الولاية الحالية، وهل هناك مؤشرات دالة على انفراج في الوضع الحالي، بما يمكن من اقرار سياسات تنموية من شأنها تحقيق الكرامة للمواطن المكناسي؟ أم أن الحل هو رحيل الرئيس..
وللحديث بقية