قلعة مكونة إحدى المدن الجبلية المغربية، تأسست في الثلث الأول من القرن الماضي، وتقع القلعة في الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، وتنتمي المدينة إلى إقليم تنغير، فيما تشتهر بزراعة وتقطير الورد، بالإضافة إلى ذلك تنتج المدينة العديد من المنتجات التجميلية المصنوعة من الورد المحلي، الشيء الذي جعل سكانها يحتفلون سنوياً بمهرجان الورد في قلعة مكونة.
مدينة تفوح برائحة الورد في الربيع
تقع قلعة مكونة على بُعد 90 كلم من مدينة ورزازات التي تلقب بهوليود إفريقيا. تعد المدينة من الأماكن السياحية بالمنطقة كما أنها قريبة من وادي مكون الذي يشتق اسمها منه، بالإضافة إلى جبل مكون الذي يعتبر من بين أعلى القمم في المغرب بارتفاع يصل إلى 4 آلاف متر فوق سطح البحر.
تشتهر المدينة بزراعة الورود الجميلة وصناعة مائها، تتبع إدارياً إقليم تنغير، غالبية سكان المدينة من الأمازيغ، ما عدا قلّة منهم ينتمون لقبائل الشرفاء الأدارسة والعلويين، ويُمارس السكان أنشطةً معيّنة منها الفلاحة، والتجارة و وإنتاج الورود التي تستعمل في مواد التجميل وماء الورد الطبيعي.
يتكون اسم قلعة مكونة من كلمة عربية وهي قلعة بالإضافة إلى مكونة وهي كلمة أمازيغية، كانت المدينة تسمى في الماضي بـ “تغرمت نمكون” وتعني قلعة النائم، فكلمة تغرمت بالأمازيغية هي نائم، وكلمة “أمكون” في اللغة الأمازيغية يقصد بها الجنين الذي ينام في بطن أمه. يقال إن نشأة قلعة مكونة تعود إلى القرن الخامس عشر على يد بعض التجار الشاميين الذين خلفوا “الورد البلدي” الذي لا يزرع في أي مكان آخر في المغرب غير وادي مكونة ووادي دادس.
وحسب موقع “وكالة الأناضول” هناك بعض المصادر التي تؤكد أن الفرنسيين هم من أحضروا الورد الدمشقي إلى قلعة مكونة عام 1938، ومع وصول سلطات الحماية الفرنسية إلى هذه المنطقة في منتصف العشرينات قرروا بناء قنطرة طويلة تربط القلعة بالطريق الرئيسية، لكن أمغار شيخ القبيلة آنذاك تمكن من إبعادهم عن قلعته، مما دفعهم إلى إقامة مشروعهم في مكان خلاء، يبعد حوالي كيلومترين عن القلعة التاريخية، وأطلقوا عليه التسمية الشائعة في المنطقة قلعة مكونة.
المدينة السياحية الأولى في فصل الربيع
تعتبر مدينة قلعة مكونة من المدن السياحية بالمغرب خاصة خلال فصل الربيع، عندما تشهد المدينة مهرجان الورد الذي ينطلق مع بداية شهر مايو/أيار. تتميز المدينة بمناخها المعتدل وتضاريس جميلة.
كما يمكن مشاهدة القصبات الموجودة على ضفاف نهر داداس ونهر مكون وهذا ما يجذب الزوار من كل حدب و صوب، خاصة وادي مكون الذي يمنح الحياة للورود، يسمى كذلك وادي الورود كما يسمى أيضاً وادي الألف قصبة بعد أن أقامت على ضفافه القبائل الأمازيغية منذ مئات السنين قصباتها التاريخية المميزة.
قد تكون المدينة المقصد الأول لهواة السياحة الجبلية والمناخ الدافئ، تحيط بالمدينة العديد من القرى الأمازيغية التابعة لها والتي تضم العديد من التعاونيات النسوية الناشطة في صناعة منتجات الورد، ولعل من أقرب المدن إليها مدينة إميلشيل التي تقيم سنوياً مهرجاناً للزفاف.
على ضفاف الوادي يوجد الكثير من الورود الدمشقية الجميلة التي تزهر في أبريل/نيسان وتزيد من جمال المكان؛ حيث يتم حصاد ما يصل إلى أربعة آلاف طن من بتلات الورود سنوياً من أزيد من 4 آلاف كيلومتر من شجيرات الورد، بالإضافة إلى موسم الورود الذي يستمر ثلاثة أيام في قلعة مكونة والذي يحظى بدعم جيد من قبل السكان المحليين في المنطقة.
يشمل مهرجان الورد بقلعة مكونة الكثير من العروض والأنشطة الممتعة، هذه المناسبة الاحتفالية هي سبب جيد للسفر إلى هذه المنطقة الرائعة من المغرب في شهر مايو/أيار من كل سنة.
مهرجان الورد بقلعة مكونة
كان موسم الورد في قلعة مكونة في البداية عبارة عن حفل صغير تقوم به بلدية المدينة وغير معروف داخل المملكة المغربية، ليصبح ابتداءً من سنة 2012 من أكبر المهرجانات بالمغرب والمدعومة من الدولة.
خلال الأسبوع الأول من شهر مايو/أيار من كل سنة تحتفي “قلعة مكونة” بمهرجان السنوي للورود ويستمر لعدة أيام ليستقبل ضيوفه من داخل وخارج المغرب، خلال هذا المهرجان تعرض العديد من الأفلام المحلية والأجنبية.
مباشرة بعدها يتم افتتاح معرض الورود ومعرض للمنتوجات التقليدية المحلية، وفي الفترة المسائية يكون للجمهور موعد مع الملتقى العلمي للمهرجان يناقش فيه الحضور مواضيع تتعلق بالورد وندوات علمية وأكاديمية للاستفادة من تجارب الدول المنتجة للورد.
بالإضافة إلى فقرات وأنشطة كثيرة على هامش الدورة كل سنة مثل الفروسية والتبوريدة “إحدى أنواع الفولكلور المغربي” والعدو الريفي ومسابقة جائزة الفلاح، ويتم عرض المنتوجات المحلية المتنوعة من مستخلصات الورود التي تشكل أحد أهم الركائز الاقتصادية للمنطقة، وتشمل الشامبو والصابون والكريم والعطور.
وكالات