
أيت ملول : الطالب الباحث أنس منصوري
شهدت قاعة الندوات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول، التابعة لجامعة ابن زهر، صباح يوم السبت 31 ماي 2025، انطلاق أشغال ندوة وطنية رفيعة المستوى تحت عنوان “الدولة والجماعات الترابية وإشكالية الديمقراطية المحلية”. الندوة، التي نظمتها فريق البحث في الدراسات القانونية والاجتماعية والاستراتيجية بالكلية، بشراكة مع ماستر التدبير العمومي الترابي، وجماعة أيت ملول، ومجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، استقطبت نخبة من الأساتذة الباحثين والخبراء والمهتمين لمناقشة التحديات والآفاق المتعلقة بتعزيز الديمقراطية على المستوى المحلي ودور الجماعات الترابية في التنمية وعلاقتها بالدولة المركزية.
الجلسة الافتتاحية: تأطير عام لأهمية الموضوع
افتتحت أشغال الندوة بجلسة رسمية ترأسها الدكتور عبد الكريم الحديكي، أستاذ مؤهل بالكلية، وعمل جامع ايت بابا، باحث بسلك الدكتوراه، مقرراً لها.

تميزت الجلسة بكلمات افتتاحية هامة:
كلمة الدكتور رحيم الطور، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول، رحب فيها بالحضور والمشاركين، مؤكداً على أهمية الموضوع المطروح للنقاش ودوره في إثراء البحث العلمي وخدمة قضايا التنمية المحلية.
كلمة الدكتور جواد الرباع، رئيس فريق البحث في الدراسات القانونية والاجتماعية والاستراتيجية، الذي أبرز أهداف الندوة وسياقها العلمي، مشيراً إلى أن الفريق يسعى من خلال هذه التظاهرات إلى خلق فضاء للحوار وتبادل الخبرات.
كلمة الدكتور حسن الليلي، المنسق البيداغوجي لماستر التدبير الإداري والمالي للجماعات الترابية بالكلية، تطرق فيها إلى دور التكوين الأكاديمي في رفد الجماعات الترابية بالكفاءات اللازمة لتدبير الشأن المحلي بفعالية.

كلمة الدكتور هشام القيسوني، رئيس جماعة أيت ملول، الذي ثمّن مبادرة الكلية في تنظيم هذه الندوة، مؤكداً على استعداد الجماعة للتعاون مع المؤسسات الجامعية في كل ما من شأنه تطوير العمل الترابي وتعزيز الديمقراطية التشاركية.
الجلسة العلمية الأولى: مقاربات نظرية وتأصيل دستوري وقانوني
بعد الجلسة الافتتاحية، انطلقت الجلسة العلمية الأولى برئاسة الدكتور عبد الرحيم خالص، أستاذ باحث بالكلية، وبمقررية يونس عبدي، باحث بسلك الدكتوراه. وقد شهدت هذه الجلسة تقديم ست مداخلات قيمة:
الدكتور رشيد كديرة (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق أكادير): تناول “براديغمات مقارنة للتراب والديموقراطية: براديغم التفاوض لشارل ايزنمان والدولة الفيدرالية القوية لكارل سميث”، مقدماً تحليلاً معمقاً لنماذج نظرية مؤثرة في فهم العلاقة بين التراب والسلطة.
الدكتور جواد الرباع (أستاذ باحث بكلية الحقوق أيت ملول): ناقش “مسألة الجهوية بالمغرب وإشكالية الديمقراطية بين الدستور والقوانين التنظيمية”، مسلطاً الضوء على التحديات التي تواجه تفعيل الجهوية المتقدمة كخيار ديمقراطي.
الدكتور زكرياء الجزولي (أستاذ زائر بكلية الحقوق سلا الجديدة): قدم مداخلة بعنوان “الأسس الدستورية والتنظيمية لعلاقة الدولة بالجماعات الترابية”، موضحاً الإطار القانوني الناظم لهذه العلاقة.
الدكتور عبد الوهاب البقالي (أستاذ باحث بكلية الحقوق الجديدة): استعرض موضوع “الجماعات الترابية بين النص القانوني وواقع الممارسة – جماعة مكناس أنموذجا”، مقدماً دراسة حالة لتقييم الفجوة بين التشريع والتطبيق.

الأستاذ رشيد العامري (باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق وجدة): تطرق إلى “الدستور الترابي وسؤال الديمقراطية بالمغرب”، باحثاً في مدى مساهمة المقتضيات الدستورية في ترسيخ ديمقراطية القرب.
الأستاذ ابراهيم بنفراج (باحث بسلك الدكتوراه بجامعة ابن زهر): عالج موضوع “الديمقراطية الترابية لما بعد دستور 2011 بين النص والتنزيل”، مقيماً حصيلة تطبيق المبادئ الدستورية الجديدة على أرض الواقع.
الجلستان العلميتان الثانية والثالثة (مدمجتان): تحديات الممارسة وآفاق التطوير
نظراً لغنى وتنوع المداخلات المبرمجة، تم دمج أشغال الجلستين العلميتين الثانية والثالثة، حيث تواصل النقاش العلمي بتقديم أربع مداخلات ركزت على جوانب عملية وتحديات محددة:
الدكتور عمر ايت بيهي (باحث بسلك الدكتوراه بجامعة القاضي عياض مراكش): تناول إشكالية “عزل منتخبي الجماعات الترابية بين النص والممارسة”، محللاً الآليات القانونية والتحديات العملية المرتبطة بها.
الدكتور المرابط خالد (دكتور في القانون العام بجامعة محمد الخامس الرباط): ناقش “دور المعارضة بالجماعات الترابية: أزمة التقعيد أم أزمة ممارسة؟”، متسائلاً حول الإطار القانوني لممارسة المعارضة وفعاليتها على أرض الواقع.
الأستاذ رشيد تونفي (باحث في العلوم السياسية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية): قدم مداخلة حول “توطين (Territorialisation) الفعل العمومي الثقافي الأمازيغي: أي دور للجماعات الترابية في العشرية الأخيرة”، مبرزاً دور الجماعات في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على المستوى الترابي.
الدكتورة سعاد هيدالة (باحثة بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق فاس): اختتمت المداخلات بموضوع “السياسات العمومية الترابية: الالتقائية ومبدأ التمايز”، محللة كيفية تحقيق التكامل والتفرد في السياسات الموجهة للمجالات الترابية.

شكلت هذه الندوة الوطنية منصة هامة لتبادل الرؤى العلمية والخبرات العملية بين الأكاديميين والفاعلين في مجال التدبير الترابي. وقد أكدت المداخلات والنقاشات التي تلتها على مركزية إشكالية الديمقراطية المحلية في سياق بناء دولة الحق والقانون وتعزيز الحكامة الترابية. ومن المتوقع أن تساهم مخرجات هذه الندوة في إغناء النقاش العمومي وتقديم اقتراحات بناءة لصناع القرار والباحثين على حد سواء، بهدف تجاوز المعيقات القائمة والارتقاء بمستوى الأداء الديمقراطي للجماعات الترابية في المغرب.