كشف تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب عن الوضع المقلق لقطاعات أساسية مرتبطة بالأمن الغذائي للمغاربة، إذ أكد استنزاف الفلاحة للموارد المائية، في ظل اعتمادها على السقي، وخطورة ذلك على الأمن الغذائي. كما لفت التقرير الانتباه إلى أن ندرة المياه تؤدي إلى تراجع المردودية الفلاحية، في ضوء أن الفلاحة تواجه تحديات متنامية نتيجة محدودية الموارد المائية بالبلاد.
هذا، وقد سبق للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية أن وجه انتقادات للسياسات الزراعية بالمغرب، وعلى رأسها مخطط المغرب الأخضر، الذي أُطلق عام 2008 كأول استراتيجية فلاحية يتم تنفيذها بالبلاد. حيث نبه إلى أن القطاع الزراعي يستنزف ما يقارب 85 في المائة من الموارد المائية المتجددة بالبلاد، مؤكداً أن المغرب أصبح مهدداً حالياً بندرة المياه، بسبب الإجهاد المائي خلال العقدين الأخيرين، وهو ما يهدد الأمن الغذائي بالبلاد بشكل مباشر.
وفي هذا السياق، حذر تقرير المجلس الاقتصادي، الذي يحمل عنوان “النكسوس في مجالات الماء ـ الطاقة ـ الغذاء ـ النظم البيئية؛ تدبير أنجع للموارد الطبيعية، تعزيز التآزر والحد من المخاطر المشتركة بين القطاعات في المغرب”، من أن الممارسات غير المستدامة في قطاعات الماء والطاقة والغذاء قد تؤدي إلى استهلاك مفرط للموارد المائية، وتدهور التربة، وتلوث مصادر المياه، والإضرار بالبيئة، واضطراب الدورة الهيدرولوجية، وإزالة الغابات، واستنزاف الموارد الطبيعية. مشيراً إلى أن هذه التأثيرات تهدد الأمن المائي والغذائي للبلاد، فضلاً عن تهديد استدامة مصادر الطاقات المتجددة.
وقد دعا المجلس إلى تبني ممارسات فلاحية مستدامة تقلل من استهلاك المياه والحد من استخدام المدخلات الكيميائية، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة في ضخ المياه، واستغلال المياه المتدفقة من الأنهار أو المخزنة في السدود لتوليد الطاقة الكهرومائية، وتثمين النفايات الزراعية لإنتاج الغاز الحيوي أو الوقود الحيوي، واستخدام تقنيات الري الحديثة، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة أو مياه التحلية بفضل مصادر الطاقة المتجددة، والتنسيق بين المشاريع في مختلف القطاعات لتوفير حماية أفضل للبنيات التحتية، والاستفادة من الحلول المستمدة من الطبيعة، وتغيير السلوكيات للحد من الضياع والهدر.
هذا، وقد كشف الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يونس بن عكي، وعلى هامش الدورة الثانية من منتدى “Nexus WEFE” في طنجة، أن خارطة الطريق الوطنية التي دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى وضعها، تهدف إلى تحقيق التوازن بين الاستدامة والنجاعة والقدرة على الصمود، من خلال الترابط بين الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية المعروفة بـ”مقاربة النكسوس”، باعتبارها مقاربة شمولية تستكشف أوجه التفاعل والترابط الأساسية بين هذه القطاعات.