الأنباء الواردة من مخيمات تندوف ، تفيد بوجود شبكة لتهريب الأشخاص من المخيمات الى فرنسا ، ينشط عناصرها في مناطق متفرقة منها على الخصوص أوروبا ويرتكز عمل الشبكة داخل الأراضي الجزائرية.
الشبكة تقوم بتسهيل سفر الأشخاص مقابل مبالغ مالية مهمة، وتبدأ العملية بالتنسيق عبر وسطاء للشبكة يتواجدون داخل الجزائر ، ويتم تحديد موعد للتفاهم ، وتسلم جزء من المبلغ ، وبعد 20 يوما ، يتسلم المرشح للتهريب بأوراق السفر مع تأشيرة الخروج ، ويسلم ما تبقى من المبلغ المتفق عليه .
بعد وصوله الى أوروبا ، يلتقي من يمده بوثائق جديدة ، تفيد أنه من ساكنة الأقاليم الصحراوية ( العيون ، السمارة ، بوجدور ، الداخلة ) ، ويوقع على ما يفيد بتعرضه للتعنيف والتعذيب من طرف السلطات المغربية، وبأنه قدم الى أوروبا هربا من بطش المغرب ، وبأنه يسعى إلى طلب اللجوء، رغم أنه في الحقيقة لم تطأ رجلاه أبدا الأراضي المغربية ، وقد ازداد وكبر وعاش بمخيمات تندوف .
مؤخرا ، نجحت الشبكة في التحايل على السلطات الفرنسية ، واستطاعت تمكين عدد لا بأس به من شباب مخيمات تندوف من الحصول على اللجوء، وبعد شيوع الأخبار والتاكد منها ، تقاطرت الطلبات على شبكة التهريب، التي ضاعفت تكاليف العملية ، وأصبحت تنتقي مرشحيها بعناية شديدة خوفا من تفشي الخبر.
قيادة البوليساريو ، على علم تام بما يحدث من تهجير ، بل وتتحصل على جزء من عائداته ، ولا يتم شيء دون علمها، حتى أنها باتت تولي أولوية للملف، وأصبحت تسهم في تهجير بعض الغاضبين من الوضع بالمخيمات ، ومن يسعون لفضح الفساد المستشري بجبهة البوليساريو، بل وتبعث بوسطاء لإقناع المعارضين لسلك طريق الهجرة عبر صفقة الشبكة ” المضمونة” ، كما تبعث ببعض أقارب المرشحين من أتباعها ، للمساعدة ماديا في تكاليف العملية ، حتى تظهر الأمور طبيعية ، وبأن لا علاقة للقيادة بالموضوع .
وقبل يومين ، انتشر خبر خروج الشاب الصحراوي ” الناجم سعيد غلا ” بين ساكنة المخيمات ، فتساءل الجميع عن طريقة خروجه التي بدت قانونية ، خاصة أنه نشر صورا لخروجه من الجزائر ، ثم صور وصوله الى فرنسا ، قبل أن يخرج ببث مباشر يوضح فيه ملابسات سفره، ويبشر أهله وأقاربه بنجاح عملية السفر ، بهدف العلاج ثم الاستقرار في اسبانيا.
ورغم أن المعني لم يتحدث عن التفاصيل ، وطريقة حصوله على الوثائق والتأشيرة وكيف غادر من المخيمات الى الديار الأوروبية ، لكن
الجميع تأكد أن الشبكة المعلومة لها يد في تهجيره ، كما أن قيادة البوليساريو قد تكون ساهمت بشكل غير مباشر في تسهيل خروجه، لترتاح من مشاكله ، بسبب ما قام به من خرجات إعلامية فضحت ما يقع داخل المخيمات ، وتسليطه الضوء على فساد عصابة البوليساريو.
الشاب الناجم ، وإن كان وصل الى أوروبا وحقق الحلم الذي يراود كل شباب مخيمات تندوف، لكنه الأكيد أنه لن يستطيع الحصول على الوثائق ولا الاستقرار الا عن طريق قبول تقمص دور شاب صحراوي قادم من جنوب المغرب ، يعاني من الاضطهاد والتعنيف ويسعى الى اللجوء خوفا على حياته.
فهل تعلم السلطات الفرنسية بما يقع فوق أراضيها، وهل تعلم السلطات المغربية بما يتم اتهامها به زورا وكذبا ، فقط للحصول على الموافقة على طلب اللجوء، وما يُدفع به من ملفات حقوقية مفبركة ، تشترك جميعها في اتهام المغرب بما لا علاقة له به، بهدف إقناع السلطات الفرنسية بقبول الملف ، وبالتالي تسهيل الحصول على اللجوء.
الأكيد إن لم يتم إيقاف نشاط هذه الشبكة الدولية ، سنكون أمام موجة هجرة جماعية من داخل المخيمات ، لكن الأخطر هو تراكم ملفات حقوقية وإنسانية لعشرات الشباب يدعون قدومهم من المغرب وتعرضهم للاضطاد ، ويقدمون شهادات كاذبة ومزورة بأسماء مستعارة .