لقد ثبت أن لا ذنب للسياسة في خلق سياسيين منافقين ومتزلفين، بل وليست السياسة هي من دفعت هؤلاء الى ذلك، ولكن سريرتهم المريضة المغلفة بخطاب متخم بالقيم والمبادئ الفارغة، ونفسيهم التي تنبئ بجبن أصاحبها، في مواجه الحقيقة الصارخة هي دافعهم وراء تحقيق مكاسب ذاتية ولو على حساب المصالحة العامة.
ففي اعتقاد هؤلاء، لكي تكون سياسيا ناجحا يجب أن تحترف الكذب والنفاق والتضليل، وأن تكون شخصية متلونه لا تعرف الثبات على المبادئ، بمعنى أن تكون حربائيا منزوع الذمة ومبثور الشرف. فمثل هؤلاء تكلم عليهم رسول خير الأنام عندما قال: “إن أخاف ما خاف عليكم بعدي منافق عليم اللسان” بمعنى عليم اللسان يمتلك المنطق ومنزوع المبادئ تحركه المصالح الشخصية.
وللاسف مثل هذه الكائنات السياسية اعتدنا أن نراها في العديد من مؤسساتنا المنتخبة بما فيها مجلس جماعة مكناس حيث تجتمع كل المتناقضات، لدرجة أن بعض أعضائه على استعداد دائم لبيع الوهم للمواطنين في سبيل الحصول على مكسب أو غنيمة أو حتى منصب رمزي من قبيل “رجل ثقة الرئيس”. وهو المنصب الذي أحرق من أجله الأخضر واليابس، ووقع من أجله على نهاية مساره السياسي حتى قبل أن يبدأ وبدون شعور تماما كما تقول الحكمة “نية العمى فعكازو”.
فرغم امتعاض المكناسيين من عدم قدرة الرئيس منذ ما يزيد عن السنتين على خلق مجلس قوي ومنسجم، بالنظر للوضع المزري الذي تعيشه المدينة على مختلف الأصعدة، والتراجع الملحوظ في جميع الخدمات، تجد هؤلاء مصرين على لباس ثوب المحارب دفاعا عن العبث والارتجال والعشوائية.
فالمسؤول على ما وصلت إليه مكناس ليس فقط عبث رئيس الجماعة وعشوائية تدبيره للشأن المحلي، ولكن أيضا نفاق بعض الكائنات المنتخبة واستباحتها “بلعلالي” لشرف المدينة والموافقة على بيعها بثمن بخس.
اليوم أدرك المكناسيون أن مجلس جماعتهم لم يعد ذلك المجلس الذي يتم خلاله الترافع لمصلحة المواطن وتنمية المدينة ولكن سوقا للنخاسة تدار فيه الامور بمنطق العرض والطلب.
المستقل