بقلم : ذ. فؤاد السعدي/ المغرب
إن الرصد اليومي لواقع الإدارة المغربية بالعاصمة الإسماعيلية بمكناس يوحي بسطوة السلطة واستمرار استعلاء بعض القائمين عليها، واشتغالهم بمزاجية متجاوزة، ووفق ممارسات منبوذة ومشوبة بالتجاوزات، ونمطية مفتقرة لكل مبرر.
وبالرغم من أن مطالب الساكنة المكناسية ملحة وآنية من أجل تغيير واقع مدينتهم المرير الذي يتجه نحو انتكاسة حقيقية، إلا أن سلطات المدينة لازالت تفتقر إلى الإمكانيات لتخليق الحياة العامة والانتصار لمبادئ الشفافية والمساواة، كأنَّ ردهات إدارتها ما زالت تعج بالاختلالات ولا حول للمسؤولين لتطويقها.
وهنا لن نتحدث عن التعثرات في سيرورة مختلف الأشغال المتعلقة بالبرنامج العام لتثمين المدينة العتيقة أو عن مسؤولية مدير وكالة التنمية، ورد الاعتبار لمدينة فاس عن بطئها وعشوائيتها، أو الفوضى التي رافقت عملية الأشغال المرتبطة بها، ولكن عن مسؤولية عامل عمالة مكناس حيال ما يقع من عبث في طريقة إنجاز هذا المشروع الملكي السامي، وما شابهه من تجاوزات خصوصا فيما يتعلق بمناطق الارتفاق بجانب القصر الملكي وضريح المولى إسماعيل والكولف الملكي وانعكس ذلك سلبا على المظهر العام. وصمته غير المبرر عن المتطاولين على حرمة الاسوار التاريخية خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمقهى والمطعم الكائن بدرب حمام مولاي اسماعيل الذي تمادى صاحبه في خرق القانون من خلال ممارسته لنشاط تجاري بدون ترخيص، وقبل ذلك، مباشرة أشغال بناء طابقين فوق منطقة الارتفاق بدون ترخيض أيضا. وهو ما يدفعنا للتساؤل حول الجهة التي سمحت لهذا الرجل للقيام بإرساء هذا الزخم من الفوضى بتغيير ملامح مكان تاريخي وحجب جمالية قبة الضريح؟
وسبق لباشا المشور الستينية أن أصدر قرار هدم عدد 001/2019 بتاريخ 12 ابريل 2019 في حق سيدة بسبب مخالفتها للقانون وضوابط البناء والتعمير المتمثلة في تسقيف غرفة بسطح الطابق الأول وهو القرار الذي لقي استحسانا كبيرا في وقته خصوصا وأن البناء جرى فوق منطقة الارتفاق وأدى الى حجب الرؤية عن قبة ضريح المولى اسماعيل، وبالتالي تشويه المشهد العام. لتدور الأيام ويتكرر نفس المشهد فيما يخص المخالفة، لكن رد فعل السلطة هذه المرة لم يكن الحزم الذي كان في السابق باصدار قرار الهدم في حق المخالف ولكن بإلتوام الصمت والتغاضي عن العبث. فلماذا لم يتخذ عامل عمالة مكناس في شخص الباشا اليوم نفس الإجراءات بإصدار تعليماته بهدم طابقي المقهى والمطعم المجاور لمحل السيدة؟ هل يسري القانون على مواطنين ويستثني المحظوظين منهم؟ أين دور لجنة اليقظة التي يشرف عليها عامل الإقليم في هذا الصدد؟ أم أن خروجها من عدمه يتوقف على طبيعة المهمة ومدى حضوة أو عزوة الجهة المعنية بالمراقبة (المخالف)؟
لم يقتصر الأمر عند صمت الإدارة الترابية فقط على حجم الخروقات القانونية لصاحب هذا المطعم والمقهى وممارسته نشاط تجاري بدون ترخيص، وقبله مباشرة أشغال بناء طابقين في منطقة الارتفاق بدون ترخيص أيضا، ومنع أشغال الزليج على الرصيف المجاور لمحله في إطار توحيد النسق، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما امتنعت (السلطة) عن تجاوبها مع عارضة رفعها السكان المجاورين لهذا المحل يستنكرون فيها لجوء هذا الأخير الى إقامة حفلات بالنهار وإلى ساعات متأخرة بالليل باستعمال مكبرات الصوت وما يصاحب ذلك من ضجيج وضوضاء وهو ما اصبح يشكل مصدر قلق وازعاج لراحتهم.
منطلق الاشياء وما يجري من تجاوزات بمناطق الارتفاق سواء فيما يتعلق بالاسوار أو ما يرتبط بواد بوفكران يجعلنا اليوم نطرح سؤالا حقيقيا حول الجهة المستفيد من كل ما يقع؟ وهو السؤال الذي سنجيب عليه في مقال لاحق حتى يتأكد أهل مكناس أن مدينتهم أصبحت تعيش في “زمان السيبة”..
وللحديث بقية