قال وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، إن الحوادث البحرية التي تشهدها السواحل الوطنية من حين لآخر تخضع وجوبا لتحقيق بحري إداري مشددا على ضرورة تحديد الأسباب الفعلية، التي أدت أو ساهمت في وقوع هذا الحادث.
وضمن جوابه على سؤال وجهه عبد الواحد الشافقي، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، شدد صديقي على أهمية إثبات كل إخلال بقواعد الملاحة والسلامة البحرية عند الاقتضاء، وذلك تماشيا مع الأحكام القانونية المتعلقة بالتحقيقات البحرية الواردة بمدونة التجارة البحرية، فضلا عن التحقيقات الجنائية التي تقوم بها مصالح الدرك الملكي البحري. هذه التحقيقات تساهم في بلورة توصيات واقتراح كل إجراء من شأنه تعزيز مبادئ السلامة.
وبخصوص إجراءات تعزيز منظومة السلامة البحرية، أكد المسؤول الحكومي أنه يتم العمل حاليا على تعميم استعمال أجهزة إرسال الإغاثة عبر الأقمار الاصطناعية ليشمل سفن الصيد التقليدي، وكذا استعمال صدريات النجاة القابلة للنفخ تلقائيا وإجبارية ارتدائها بشكل متواصل خلال الإبحار وأثناء عمليات الصيد. كما نعمل بشكل مستمر على تنظيم حملات للإرشاد البحري والتحسيس بأهمية السلامة البحرية وحماية الأرواح البشرية بالبحر وطرق تجنب الحوادث البحرية واستعمال أجهزة إرسال الإغاثة عبر الأقمار الاصطناعية.
من جهة أخرى، يشير صديقي إلى أن مصالح الوزارة عملت على تنزيل إجراءات تهدف الى تقليص المدة الزمنية للتدخل ورصد حالات الخطر، وذلك عبر اقتناء معدات للاتصال لتغطية المنطقة البحرية الوطنية وتمكين المركز الوطني لتنسيق البحث والإنقاذ من تلقى إشارات الإغاثة مباشرة من الوحدات المنكوبة، وكذا تحديد مكان تواجدها مما يساهم في تقديم المساعدة بالسرعة المطلوبة لتفادي وقوع ضحايا.
وسجل أن برنامج اقتناء هذه المعدات، والذي بدأ سنة 2016 ويمتد إلى غاية سنة 2025 سيمكن بلادنا من اكتمال هذا المشروع الذي يطابق المعايير الدولية للنظام العالمي للاستغاثة والسلامة في البحر. كما تسهر الوزارة على اقتناء وحدات للتدخل في البحر جديدة بهدف استبدال القديمة منها وتعويضها بأخرى أكثر فعالية وتستجيب للمعايير الدولية من حيث السرعة وتقنيات الإغاثة بالبحر، حيث استفاد كل من مينائي طنجة والداخلة من هذه الدفعة نظرا لموقعهما الاستراتيجي.
ولفت محمد صديقي في جوابه على سؤال حول توالي حوادث غرق مراكب الصيد والسلامة البحرية للبحارة، الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21″ الإلكترونية أن منظومة الإنقاذ الوطنية تعتمد تعاونا وتنسيقا وثيقا بين مختلف المتدخلين بما فيهم البحرية الملكية والدرك الملكي والقوات الملكية الجوية والوقاية المدنية، وذلك ضمانا لإنجاح عمليات الإنقاذ بالبحر وتعزيز فاعليتها.
ونبه في السياق ذاته إلى إلى أن مجال سلامة سفن الصيد البحري وحمايتها من الحوادث البحرية يحظى باهتمام بالغ من طرف الوزارة، سواء من خلال البرامج التي يتم إنجازها دعما لسفن الصيد، أو من خلال تعزيز المنظومة القانونية ذات الصلة، والتي عرفت تطورا ملحوظا خلال السنوات الماضية، لاسيما فيما يخص تعزيز إجراءات سلامة السفن والأطقم المبحرة على متنها.
وأضاف :”لا يخفى عليكم بأن بلادنا عضو في العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بموضوع السلامة البحرية من أهمها الاتفاقية الدولية لحماية الأرواح البشرية في البحر، والاتفاقية الدولية المتعلقة بمعايير التدريب وإصدار الشهادات واليقظة بالنسبة للعاملين على متن سفن الصيد البحري لسنة 1995، والاتفاقية المتعلقة بالنظام الدولي لتجنب الاصطدام في البحر لسنة 1972 ، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ لسنة 1987”.
وأكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي أن المغرب يتوفر على منظومة قانونية مهمة تؤطر هذا المجال، لاسيما الظهير الشريف الصادر في 26 من جمادى الآخرة 1337 (31) مارس 1919) بمثابة مدونة التجارة البحرية كما تم تغييرها وتتميمها، والتي تنظم العديد من المجالات المتعلقة بقواعد السلامة البحرية وسلامة الملاحة البحرية، وخصوصا الشروط والمعايير التقنية لسلامة السفن.
كما تنظم، يضيف المسؤول الحكومي، تأليف الأطقم القادرة على قيادتها وفق القواعد الأساسية لتفادي وقوع حوادث بالبحر بالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بتحديد وتكوين لجان السلامة المكلفة بمعاينة السفن للتحقق من مدى احترامها لهذه الشروط والمعايير، والتي بدونها لا يمكن تسليم رخص الملاحة السنوية، وكذا الأحكام المتعلقة بالتحقيقات البحرية في حالة وقوع حوادث، كما يمكن إخضاع السفينة لفحوصات تقنية إضافية مفاجئة، كلما تطلب الأمر ذلك.
وأبرز أنه تم تعزيز هذه المنظومة بالقانون رقم 59.14 المتعلق باقتناء سفن الصيد ومباشرة بنائها وترميمها، والتي تستلزم وجوبا الحصول على رخصة مسبقة، وذلك بهدف محاربة البناء العشوائي للسفن. ويتيح هذا القانون كذلك القيام بما يلزم من أجل التحقق من مطابقة الأشغال للمواصفات التقنية المبينة في الرخصة والتحقق من احترام شروط السلامة المتطلبة.
وبحسب جواب الوزير، تعززت أيضا، بنصوص أخرى تحدد القواعد العامة التي يجب أن تستوفيها سفن الصيد البحري فيما يتعلق بالإنقاذ البحري، وكذا القواعد المحددة للإجازات والشروط اللازمة لممارسة مهام القيادة ومهام ضابط على متن سفن الصيد البحري، فضلا عن القرارات التطبيقية الهادفة إلى الرفع من كفاءة سفن الصيد، من خلال استعمال وسائل الإنقاذ والاتصال التي تمكن من إرسال إشارات الإغاثة لما لهذه العملية من أهمية بالغة في الرقى بالسلامة البحرية وحماية الأرواح البشرية بالبحر هذا، وتوجد نصوص أخرى في طور الإعداد تهدف إلى الرفع من كفاءة السفن وتعزيز شروط السلامة على متنها.