
بقلم: الصحافي أمين بوشعيب/ إيطاليا

إن نهاية دولة إسرائيل نهائيا ستكون كما قررها القرآن الكريم، بعد العلو الثاني، وقد بين الله سبحانه وتعالى، في مستهل سورة الإسراء أن بني إسرائيل سيفسدون في الأرض مرتين وسيعلون علوا كبيرا. قال الله تعالى:” وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا إلى قوله تعالى : فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ”
يقول المفسرون في شرح هذه الآيات أن الله عز وجلّ، قد تقدم وعهِد إلى بني إسرائيل وأخبرهم في كتابهم، أنهم لا بد أن يقع منهم إفساد في الأرض مرتين بعمل المعاصي والبطر لنعم الله، والعلو في الأرض والتكبر فيها، وأنه إذا وقع واحد منها سلط الله عليهم من ينتقم منهم. فإذا جاء وعد أولاهما، أي أولى المرتين اللتين يفسدون فيهما، سلط عليهم عبادا أولي باس شديد فجاسوا خلال الديار. وإذا جاء وعد الآخرة، أي المرة الأخرى التي يفسدون فيها في الأرض سلط عليهم الأعداء. ليسوؤوا وجوههم، بانتصارهم عليهم وسبيهم.
ولقد اختلف العلماء المفسرون في تحديد الزمن الذي وقع فيه علو اليهود أول مرة، والذي وقع أو سيقع فيه العلو للمرة الثانية، ولكنهم اتفقوا بإجماع، على أن النصر على اليهود قادم لا محالة، مستندين على الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله؛ إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود.
وإذا عدنا إلى آيات سورة الإسراء عن بني إسرائيل نجد أن الله عز وجل أخبرهم وأعلمهم في الكتاب الذي أنزله عليهم أنهم سيفسدون ويتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس مرتين ثم يعلون بعدهما علوًا كبيرًا، وإثر ذلك توعّدهم بالعقاب في كل مرة. ثم يذكر الله السّنّة الماضية فيهم إلى يوم القيامة بقوله: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} أي أنهم إذا عادوا إلى الإفساد في الأرض فالجزاء حاضر إلى آخر الدنيا، وهذا واقع ومشاهد، فاليهود ما زالوا يسلط عليهم الجبابرة ويسلط عليهم عدوهم كلما حصل منهم علو في الأرض وإفساد في الأرض، وهذه عقوبة من الله سبحانه وتعالى لهذا الشعب الذي يفسد في الأرض وينشر الفساد فيها ويتكبر على العباد.
إن نهاية إسرائيل ليست مجرد احتمال، بل مسألة وقت، فالعبرة في ذكر ما حصل من بني إسرائيل وما عاقبهم الله تعالى به، هو تقرير أن الإفساد في الأرض والتكبّر والتجبّر على الناس وقهرهم: ستكون عواقبه وخيمة على أصحابه.
ونحن نتحدث على نهاية إسرائيل الحتمية، أعتقد أن ما يحدث اليوم في غزة ما هو إلا مقدمة لهذه النهاية، حيث تجاوز علوّ بني إسرائيل مداه. ولأن لكل نهاية أسبابها وعواملها، فقد كان لطوفان الأقصى اليد الطولى في ذلك حيث نسف كل ما بناه الكيان الإسرائيلي الغاصب منذ عقود، ونسف معه الاستراتيجية الأمنية التي تمّ تهشيمها بصفة نهائية، فلا قوة الردع ستنفعهم، ولا سياسة الأسوار ستحميهم.
وإن ما تقوم به إسرائيل اليوم من سياسات العقاب الجماعي، في حق الفلسطينيين، ومنعهم من القوت والماء والكهرباء، وتقتيل وتشريد العزل والأبرياء من النساء والأطفال، في محاولة لرد الاعتبار ليس سوى شكل من أشكال العلو الذي ذكره القرآن الكريم. وما يحدث لأهلنا ما هو إلا قدر من أقدار الله عز وجل لكن يسلّينا أننا نعلم أن الله أكرم بعضهم بالشهادة، أحياء عند ربهم يرزقون وقد أبدلهم الله دارا خيرا من دارهم. وأهلا خيرا من اهلهم وازواجا خيرا من أزواجهم. ووعد من بقي منهم حيا بالنصر والتمكين.
إن طوفان الأقصى جاء ليزيح عن الأنظمة العربية ورقة التوت الأخيرة، وخاصة تلك المطبّعة مع إسرائيل، فهؤلاء الحكام الذين ادّعوا نجاح خيارهم التطبيعي تحت مسمى السلام، أبانوا على أنهم مع مجرمي الحرب الصهاينة، وأنهم شركاء لهم في جرائمهم بحق الفلسطينيين الذين يتعرضون لإجرام غير مسبوق، وأنهم مهما فعلوا لحماية إسرائيل وإنقاذها من السقوط، فكل ذلك سيبوء بالفشل الذريع.
وجاء ليقول للعالم أن مجلس الأمن والأمم المتحدة ما هما إلا ألعوبة في يد الولايات المتحدة وحلفائها، ويعرّي عن سوءات العالم الغربي، وليبيّن أنّ القيم الأخلاقية والمبادئ السياسية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحيوان والنباتات التي يتغنّى بها الغرب ما هي إلا ادّعاءات وشعارات جوفاء للاستهلاك فقط، وأن هدفهم من كل ذلك هو حماية أمن إسرائيل.
ولأنه بالفعل طوفان، فقد أتى على كل ما بناه الغرب منذ عقود، وأصاب غرورهم واعتدادهم بقوّتهم وعبقريتهم في مقتل. لذلك فطوفان الأقصى، خطورته ليست على إسرائيل وحدها، وإنما على النظام الغربي الإمبريالي، وعلى الكل أن يدرك أن هذا الطوفان قد فتح الأبواب لتحول عالمي جديد. وبذلك فهو ضربة موجعة في صلب النظام الغربي الإمبريالي الذي يدعم إسرائيل بالمال والسلاح. وهذا بإذن الله ستكون البداية لنهاية إسرائيل.
فلاش: ما أوهن دولة إسرائيل! وما أوهن الباطل! فهو في الأخير سيزول، وصاحب الحق لا بد أن ينتصر ولو طال الزمن، والمعركة الحاسمة قادمة لا محالة، والنصر فيها سيكون لرجال المقاومة (الطائفة المنصورة الذي ذكرها الرسول الكريم في الحديث الشريف: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”)
إنهم هم المنصورون، لأنهم لا يدافعون عن الأرض فقط، وإنما ينوبون عن الأمة العربية والإسلامية في الدفاع عن الأقصى المبارك، والقدس الشريف، لذلك سينصرهم الله نصرا عزيزا مؤزرا. فسبحان الذي أوجب على نفسه نصر المؤمنين، وجعله لهم حقاً فضلاً وكرماً، وأكده لهم في هذه الصيغة الجازمة التي لا تحتمل شكاً ولا ريباً. وهو القائل في محكم تنزيله: “وكان حقا علينا نصر المؤمنين”