تشهد مصالح تسجيل الإمضاءات والمحافظات العقارية تحركات مكثفة يقودها عدد من المنتخبين، بالتزامن مع حملات التفتيش التي تجريها المفتشية العامة لوزارة الداخلية. هذه الحملات، التي استهدفت عدة مجالس جماعية، أفضت إلى تقارير وصفها متابعون بـ”السوداء”، وأسفرت عن قرارات بعزل مسؤولين أو إحالة ملفاتهم على القضاء.
وأفادت مصادر مطلعة بأن بعض المنتخبين باتوا يسجلون ممتلكاتهم العقارية والمنقولة بأسماء أقاربهم، في محاولة للالتفاف على قوانين التصريح الإجباري بالممتلكات. تأتي هذه الخطوات مع تصاعد المخاوف من التدقيق في التصريحات، خاصة بعد تسجيل زيادات ملحوظة في ثروات عدد من المسؤولين خلال فترات قصيرة من تسلمهم المناصب.
وزارة الداخلية أحالت بالفعل ملفات تتعلق باختلالات على الوكيل القضائي للمملكة للشروع في مسطرة العزل، فيما رفعت ملفات أخرى إلى رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، للتحقيق في قضايا تصنف ضمن الجرائم المالية. ومع أن القوانين الحالية تمنح المسؤولين حرية التصرف في ممتلكاتهم قبل التصريح بها، فإن غياب إلزامية الكشف عن التحركات المالية والعقارية الحديثة يُعدّ ثغرة تُستغل لتجنب المساءلة.
القانون يفرض على المسؤولين التصريح بممتلكاتهم كل ثلاث سنوات، لكن بعضهم ينقل ملكية أصوله إلى أقارب قبيل التصريح، مما يُضعف فعالية المنظومة الرقابية. وفي هذا الصدد، أشار تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلى أعطاب هيكلية في نظام التصريح بالممتلكات، منها غياب نظام معلوماتي لتتبع التصريحات وضعف التوافق مع المعايير الدولية، إذ بلغت نسبة التوافق 64% فقط.
الجمعية المغربية لحماية المال العام بدورها أبدت قلقها من هذه التحركات، مؤكدة ضرورة تجريم الإثراء غير المشروع. وصرح محمد الغلوسي، رئيس الجمعية، بأن القانون الحالي يظل ناقصًا ما لم يُعزَّز بأدوات تتبع فعالة وآليات للمحاسبة. ودعا إلى الإسراع بإصدار قانون لتجريم الإثراء غير المشروع، لتمكين السلطات من تتبع الزيادات غير المبررة في الثروات وضمان تحقيق الشفافية المطلوبة.
المستقل