تحولت وزارة النقل، في عهد الوزير عبد الصمد قيوح، إلى ملحقة حزبية تابعة للاستقلال، حيث باتت قراراتها محكومة بمنطق الولاء السياسي بدل الكفاءة والاستحقاق، فبعد أن كانت الوزارة تحت إشراف السابق محمد عبد الجليل تتسم بنوع من الصرامة والانضباط في التدبير، غلب عليها الآن الطابع الانتخابي، حيث صار قيوح يوجه قراراتها لخدمة المحسوبين على حزبه، وهو ما خلق موجة غضب واحتقان واسع داخل أوساط الموظفين والأطر.

وأثارت أحدث قرارات الوزير، والمتمثلة في الموافقة على ترقية بعض الموظفين دون اللجوء إلى انتخابات اللجان المتساوية الأعضاء، (أثارت) حفيظة النقابات، التي رأت في هذا القرار إقصاءً ممنهجا وتكريسًا لمنطق الزبونية والمحسوبية داخل الوزارة. واعتبر النقابيون أن معايير الترقية الحالية مجحفة، حيث تحرم فئة واسعة من الموظفين من حقهم في الترقي وفق مبدأ تكافؤ الفرص، في ظل غياب آلية شفافة ونزيهة لتقييم الاستحقاق.
ورغم المراسلات المتكررة من التنسيق النقابي داخل وزارة النقل، التي دعت الوزير إلى تأجيل قرارات الترقية برسم سنوات 2022 و2023 و2024، إلى حين التوافق على معايير عادلة ومنصفة، إلا أن قيوح تجاهل هذه المطالب، في خطوة تعكس هيمنة الاعتبارات السياسية على قراراته. وسبق للنقابات أن اقترحت اعتماد المعايير المتفق عليها بوزارة التجهيز والماء، والتي ترتكز على النقطة المهنية (40%)، الأقدمية في الدرجة (30%)، الأقدمية العامة (20%)، المسؤولية (10%)، مع إضافة 3 نقاط لمن أدرج اسمه للمرة الثانية أو أكثر، غير أن الوزير لم يتفاعل مع هذا المقترح، مفضلاً الترقية الانتقائية التي تخدم دائرة محددة من المقربين.
هذا النهج السياسي في إدارة الوزارة يشكل تراجعًا خطيرًا مقارنة بالفترة السابقة، حيث كان التعامل مع الملفات يتم وفق منطق إداري واضح، بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة. واليوم، بات الموظفون يشعرون بأن الوزارة تحولت إلى فضاء مغلق على الموالين لحزب الاستقلال، في غياب أي رؤية إصلاحية حقيقية تعيد الاعتبار للكفاءات وتضمن عدالة الترقية لجميع الموظفين، وليس فقط لمن يرضى عنهم الوزير وحزبه.