نظمت وكالة التنمية الرقمية، اليوم الثلاثاء بالرباط، ورشة عمل قطاعية حول الذكاء الاصطناعي في التعليم والتكوين، بشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إيسكوا).
وفي كلمة بالمناسبة، قال المدير العام لوكالة التنمية الرقمية، محمد الإدريسي الملياني، إن المملكة المغربية انخرطت بثبات على طريق الانتقال الرقمي، حيث تجعل الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030” من تطوير المهارات الرقمية حجر الزاوية في الأولويات الوطنية، وبالتالي الاعتراف بالدور الأساسي للتعليم والتكوين في إعداد الرأسمال البشري لمواجهة تحديات وفرص العصر الرقمي.
وأوضح، في كلمته التي تلتها نيابة عنه مديرة التحول الرقمي، خلود أبيجا، أن وكالة التنمية الرقمية، التي تشكل جزءا كاملا من هذه الدينامية التحويلية، تجسدت جهودها بشكل ملحوظ من خلال برنامج الخوارزمي الذي تم إطلاقه سنة 2019، والذي يهدف إلى تحفيز البحث العلمي التطبيقي في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.
ويدعم هذا البرنامج حاليا 45 مشروعا بحثيا تطبيقيا، تشمل 15 جامعة ومؤسسة بحثية مغربية، وتغطي طيفا متعدد التخصصات، بما في ذلك التعليم والصحة والزراعة والصناعة والطاقة والخدمات اللوجستية والبيئة والعدالة.
وأبرز السيد الملياني أن المنصة الوطنية والشاملة للتعليم الإلكتروني “الأكاديمية الرقمية”، التي أطلقت في ماي 2022، تضطلع بدور محوري في تطوير الثقافة الرقمية بالمغرب، وتقدم مجموعة من الدورات التكوينية، تشمل التكوين المتخصص في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، والتي تغطي مجموعة واسعة من التخصصات الرقمية.
وذكر بأن منصة “الأكاديمية الرقمية” استفاد منها بالفعل أزيد من 35 ألف متعلم، تم منحهم أزيد من 9.300 شهادة في مواضيع رقمية مختلفة. وتقدم حاليا دليلا يضم 203 دورات، وأزيد من 1.200 ساعة تدريبية، تغطي التخصصات الرقمية الرئيسية، بينها الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.
وأكد أن دمج الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم والتكوين يفتح آفاقا غير مسبوقة، إذ يسمح بتخصيص التعلم، وتكييف الوتيرة والمحتوى مع الاحتياجات الفردية لكل متعلم، كما توفر أدوات التحليل القائمة على الذكاء الاصطناعي إمكانية تحديد مخاطر الهدر المدرسي في الوقت المناسب، وبالتالي إتاحة تدخلات موجهة.
فضلا عن ذلك، يضيف المدير العام للوكالة، يمكن الذكاء الاصطناعي من مساعدة المعلمين في مهامهم الإدارية، ما يسمح لهم بالتركيز على مهمتهم الأساسية، المتمثلة في دعم التعلم وتنمية المهارات الأساسية للمتعلمين.
واعتبر أنه على الرغم من ذلك، فإن هذا التكامل يثير أيضا تحديات معقدة، حيث تعتبر مواصلة تدريب المعلمين والمدربين على استخدام هذه التقنيات الناشئة أمرا بالغ الأهمية، كما يتعين الحرص على أن يبقى الذكاء الاصطناعي أداة في خدمة الجانب البيداغوجي، وليس بديلا عن التفاعل البشري، وهو أمر ضروري للغاية في العملية التعليمية.
وبعد أن أكد التزام وكالة التنمية الرقمية بالتحول الرقمي الشامل والمسؤول، سجل أن هذه الورشة ستقدم أفكارا عملية وقابلة للتنفيذ من شأنها أن توجه الجهود المستقبلية في تنفيذ برامج التدريب الرقمي التي من شأنها تعزيز المنظومة الوطنية لتكنولوجيا التعليم، وتعزيز أفضل الممارسات في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي في التعليم والتكوين.
من جانبه، قدم المستشار الإقليمي لتكنولوجيا التنمية في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب بآسيا، نوار العوا، لمحة عن اللجنة، مستعرضا بعض المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي ونظم وتحديات الذكاء الاصطناعي المرتبطة على الخصوص بالفجوة الرقمية بين البلدان المتقدمة والنامية، فضلا عن قضايا الحكامة والأخلاقيات، والأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي.
وذكر ببعض المبادرات العالمية الرامية إلى تأطير الذكاء الاصطناعي، مشيرا على الخصوص إلى مقترحات الأمم المتحدة لحكامة الذكاء الاصطناعي من أجل الإنسانية، وتوصيات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول الذكاء الاصطناعي، والمبادئ التوجيهية لمجموعة الدول السبع.
وخلص إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلا عن المدرس بل وسيلة لتعزيز الأثر، مركزا على أهمية تحديث المناهج لتحقيق الدمج مع التعليم الأكاديمي والمهني، وأهمية التدريب الشامل للمدرس في مجال المهارات الفنية لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والاستراتيجيات التربوية لدمجها في المناهج.
من جانبها، قالت رئيسة شعبة الموارد البشرية بوكالة التنمية الرقمية، سلمى كريم، إن الذكاء الاصطناعي هو تكنولوجيا حديثة تستخدم كثيرا من لدن الشباب والأطفال وكذا في ميدان التعليم والتكوين.
وأوضحت في مداخلة حول موضوع “الذكاء الاصطناعي- الآفاق والأثر”، أن الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا تبنتها وكالة التنمية الرقمية، التي استطاعت تطوير مجموعة من المشاريع في البحث العلمي والذكاء الاصطناعي التطبيقي، من بينها منصة الأكاديمية الرقمية التي تمنح مجموعة من التكوينات الرقمية والحضورية في مجال الذكاء الاصطناعي بمختلف شعبه، مؤكدة أن الأمر يتعلق بتجربة وطنية ناجحة في مجال الذكاء الاصطناعي.
واعتبرت أن هذه الورشة التحسيسية، التي تجمع مختلف مهنيي قطاع التعليم والتكوين الخاص والعمومي، تتيح التفكير بشمولية في دور الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامه بفعالية.
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي يستخدم في مجال التربية بهدف تحسين العملية التعلمية من خلال تكييف التعلم وفق حاجيات التلميذ، واقتراح تجارب تعلمية غنية، بالإضافة إلى تحسين التدريس عبر مساعدة المعلمين على إعداد الدروس، ودعمهم في قاعات الدرس، ووضع برامج تكوينية أكثر نجاعة.
ويهدف إدماج الذكاء الاصطناعي في التربية والتكوين أيضا إلى تحسين عملية التدبير، من خلال رقمنة المهام الإدارية، وجمع وتحليل البيانات بهدف تحسين عملية اتخاذ القرار، وتجويد المصادر التعليمية.
وتضمن جدول أعمال هذه الورشة، ثلاث جلسات تمحورت حول “الذكاء الاصطناعي- الآفاق والأثر” و “الذكاء الاصطناعي في التربية والتكوين- تجارب عالمية”، و”الذكاء الاصطناعي في التربية والتكوين-تجارب وطنية”.