على الرغم من الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة، أبانت جهة مراكش آسفي عن صمود بمحافظتها على دينامية اقتصادية ثابتة خلال سنة 2023 .
هذه الدينامية الإيجابية والاستثنائية يعكسها التدفق الكبير للاستثمارات والتي سجلت رقما قياسيا (أزيد من 119 مليار درهم) مما يدل على الثقة التي يحظى بها المغرب بشكل عام وجهة مراكش آسفي بشكل خاص لدى المستثمرين.
وبفضل الأوراش المهيكلة المنجزة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ولاسيما مشاريع ضخمة للبنيات التحتية واتفاقيات التبادل الحر والتي أتاحت للمملكة موقعا جد جذاب للمستثمرين العالميين الراغبين في الولوج إلى الأسواق الأوروبية وأمريكا الشمالية وإفريقيا وبلدان الخليج والشرق الأوسط، لا تتوانى وجهة مراكش آسفي في تعزيز مكانتها وكسب رهان التنافسية والجاذبية.
وحملت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الاستثمارات الخاصة والميثاق الوطني للاستثمار، والميثاق الجديد للاستثمار، وخارطة الطريق الجديدة المتعلقة بتحسين المناخ، إشارات إيجابية ساهمت في تعزيز ثقة المستثمرين الذين يشيدون بهذا الالتزام الحكومي لمواكبة القطاع الخاص وتمكينه من تحرير إمكاناته.
ويتجسد هذا الورش من خلال تبسيط الإجراءات والتعديلات الجديدة ذات الصلة بالإطار القانوني والإصلاحات التي قادت إلى مزيد من الشفافية، وتقليص أمد معالجة ملفات الاستثمار وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار من بين أمور أخرى، مما أدى إلى تحسين مناخ الأعمال ومنح الثقة لدى المستثمرين.
وبحسب معطيات للمركز الجهوي للاستثمار بجهة مراكش آسفي، تمت الموافقة على أزيد من 500 مشروع خلال سنة 2023 من قبل اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار بمعدل نمو بلغ 110 في المائة فيما يخص عدد المشاريع مقارنة مع السنة الفارطة.
وتقدر قيمة هذه المشاريع بأزيد من 119 مليار درهم أي بمعدل نمو وصل إلى 570 في المائة مقارنة مع السنة الماضية وارتفاعا في عدد مناصب الشغل المحدثة بأكثر من 40 في المائة (أزيد من 24 ألف منصب).
وفي هذا الإطار، أوضح المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار بالنيابة، محمد أمين صبيبي، أن قطاع الطاقة والمعادن يأتي على رأس القطاعات الاقتصادية المتألقة في سنة 2023 ليس فقط من ناحية الاستغلال وإنما أيضا من جهة السلاسل المرتبطة بتثمين الموارد الطبيعية.
وتطرق في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، لبرنامج التنمية الطموح التابع لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط والذي يتضمن ارتفاعا في القدرة الإنتاجية وأيضا الجوانب المتعلقة بالاستدامة، من خلال خلق محطات لتحلية مياه البحر ومحطات لإنتاج الطاقات المتجددة عبر فرع تابع للمجموعة يُعنى بالأنشطة الخضراء.
وأشار السيد صبيبي، إلى معادن أخرى في طور التثمين بالجهة، ضمنها نظام الجبس بإقليم آسفي والذي تمكن من خلاله المركز الجهوي للاستثمار بمراكش آسفي من مواكبة العديد من الصناعيين العاملين في مجال تثمين هذه المادة الخاصة بالبناء.
وارتباطا، بالطاقات المتجددة، أبرز المتحدث أن هناك مشاريع للطاقة الريحية ما بين الصويرة وآسفي سترى النور ضمنها الحقل الريحي معاشات بآسفي، والذي سيسهم في الرفع من القدرة الإنتاجية من الطاقات المتجددة، وتعزيز تنافسية جهة مراكش آسفي والمساهمة في جذب المزيد من الصناعيين إلى هذه الرقعة من التراب الوطني.
وكمثال على جاذبية الجهة، أشار السيد صبيبي إلى الإعلان عن إحداث وحدة صناعية تابعة لمجموعة “NEXANS” بآسفي بغلاف استثماري يقدر بأزيد من 100 مليون دولار، بهدف انتاج أسلاك موجهة للتصدير.
ولم يفته الإشارة أيضا إلى مختلف الأحداث والحملات التي نُظمت بتعاون مع مختلف الأطراف المعنية، ضمنها وزارة الصناعة والتجارة والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، والحوار بين القطاعين العام والخاص المنظم مع المستثمرين والذي يعد قناة مفتوحة بشكل منتظم من خلال منتديات مخصصة من قبيل اللجنة الجهوية لمناخ الأعمال.
وأكد المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار بالنيابة في هذا السياق، أن المركز الجهوي للاستثمار بمراكش آسفي سيواصل استراتيجيته القائمة على تسهيل إجراءات الاستثمار ومواكبة القرب واستهداف مستثمرين، وجهود الترويج بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات وباقي المتدخلين للتعريف بعوامل الجذب وفرص الاستثمار بالجهة.
وفي تصريح مماثل، أبرز الأستاذ الجامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، سعد نجيح، أن هذه الدينامية الاستثنائية بجهة مراكش آسفي تُعد ثمرة استراتيجية مختلف المتدخلين المعنيين، بما فيهم المركز الجهوي للاستثمار، والتي تمت ترجمتها من خلال اعتماد مجموعة من التدابير والمبادرات الرامية إلى خلق عرض تنافسي مندمج والنهوض بالجهة باعتبارها وجهة تتيح العديد من فرص الاستثمار.
وبخصوص توقعات سنة 2024، أبرز الأستاذ الجامعي أن جهة مراكش آسفي من المرتقب أن تشهد نشاطا استثماريا “ملحوظا” السنة المقبلة وخاصة مع إطلاق العديد من المشاريع الكبرى في إطار الاستثمارات العمومية ضمنها بالأساس، بناء محطات شمسية ببنجرير، وبرنامج متكامل لتحلية مياه البحر، ومشروع معالجة المياه العادمة بمدينتي آسفي والصويرة، واطلاق بناء خط سككي يربط بين مراكش وأكادير الذي طال انتظاره.