بقلم : الصحافي امين بوشعيب -إيطاليا-
مكانة خاصة في قلوب المغاربة، حيث لا يفوّتون (غنيّهم وفقيرهم) هذا اليوم دون الاحتفال بهذه الشعيرة الدينية، كل حسب قدرته المادية. ففي الأيام التي تسبق يوم العيد يُظهر المغاربة تنافسا وتسابقا في أعمال البر والخير، حيث يقوم الجيران الذين يقطنون في نفس الحي، وبمساهمة بعض المحسنين والمنظمات المدنية والخيرية، إلى جمع ما يستطيعون من مال لشراء عددا من الأكباش، وتوزيعها على المعوزين، حتى تكون كافة الأسر قادرة على ذبح أضحيتها، في صباح العيد، فلا يكون هناك من بينهم من يشعر بالنقص.
هكذا يمرّ يوم العيد لدى المغاربة قاطبة في أجواء من الفرح والسرور، يبدأونه بالخروج في وقت مبكر من الصباح، لأداء صلاة العيد وهم يرتدون ملابس تقليدية، فتراهم ذاهبين إلى المصليات زرافات زرافات، يكبرون الله على ما هداهم. فالرجال والنساء والشيوخ والأطفال، في المدن وفي القرى والبلدات الصغرى، يمشون جنبا إلى جنب، وهم يتبادلون التهاني فيما بينهم كأنهم عائلة واحدة.
وما إن تنتهي صلاة العيد حتى ينصرف المغاربة إلى ذبح الأضاحي، وأغلبها من الأكباش أو الأبقار أو الماعز، وهذه العملية تجري إما داخل البيوت أو على الأسطح، حيث يتعاون الجميع رجالا ونساء وأطفالا، فيما تلجأ الأسر التي لا يتقن أهلها هذه المهارة إلى جلب جزارين يجوبون الأحياء مقابل بعض المال.
ما ميّز عيد الأضحى لهذه السنة تزامنه مع الأزمة الاقتصادية، التي تمر بها البلاد، وما رافق ذلك من غلاء وارتفاع للأسعار طال جميع المواد بما فيها الأغنام.
رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، أكد أن حكومته تعمل على ضبط الأسعار لتبقى في متناول المواطنين. لكن على الرغم من أن التصريحات الحكومية المُطمْئِنة بأن هناك وفرة في العرض من الأغنام والماعز في المغرب، لكن استطلاعات الرأي المصورة المنتشرة في المواقع الإخبارية المغربية تعكس استياء عاما لدى المغاربة، بسبب الأسعار الباهظة التي فاقت كل التوقعات.
الحكومة المغربية تدخلت لحل هذه الأزمة، لكنها عوض تقديم دعم قوي للفلاحين ومربي الماشية الصغار والمتوسطين فإنها -كعادتها- قررت منح دعم مباشر لكبار الفلاحين والمستوردين الذين يستوردون الأكباش بمناسبة عيد الأضحى، وذلك بتخصيص مبلغ قدره 500 درهم لكل رأس يتم استيراده من الخارج، شريطة أن يجلب المستورد 400 رأس من الأغنام على الأقل. ووفق إشعار صادر عن المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني، فإن الهدف من هذا الإجراء هو ضمان تخفيض كلفة استيراد الأغنام بالنظر إلى أن الأسعار جد مرتفعة في الخارج، وتوجيه هذه الأضاحي نحو الأسواق بأثمنة مناسبة.
لكن هل هذا الإجراء كاف لبلوغ الهدف المنشود؟ وهل تتوفر الحكومة على خطة كفيلة بضبط أسعار بيع الأضاحي في الأسواق، وحماية هذه الأسواق من المضاربين والسماسرة الذين ينشطون في هذه المناسبة لتحقيق أرباح غير مستحقة على حساب جيب المواطنين؟
لكن حسب التقارير الميدانية والاستطلاعات المباشرة أظهرت أن الإجراء الريعي الذي قامت به الحكومة لم يكن له أيُّ تأثيرٍ إيجابي على أسعار الأضاحي في الأسواق الوطنية”.
مباشرة بعد تنصيب حكومة، عزيز أخنوش سنة 2021 أكد هذا الأخير أن هاجس الدولة الاجتماعية، كما انتهى إليها تقرير النموذج التنموي، حاضر بقوة ضمن الإجراءات والقرارات العمومية التي ستتبناها الحكومة، طيلة ولايتها الانتدابية. مبرزا في نفس الوقت أن هذه الولاية تعد بامتياز ” ولاية تأسيسية ” لتنزيل المحاور الكبرى للنموذج التنموي الجديد، وخياراته الاستراتيجية واقتراحاته التدبيرية. وأشار إلى أن هذا النموذج يحتاج ” نموذجا جديدا في التدبير “، معتبرا أن إرساء أسس الدولة الاجتماعية هو خيار يعبر عن إرادة سياسية راسخة لدى الحكومة، لأن إعادة الثقة في العمل السياسي تمر عبر تقديم خيارات وبرامج اجتماعية واقعية وذات مصداقية تعالج الأولويات الحقيقية وتستجيب لانتظارات المواطنين . نتساءل من هذا المنبر العتيد، ونحن نرى تردّي الأوضاع السريع في وطننا الحبيب: أين هاجس الدولة الاجتماعية، الحاضر بقوة ضمن الإجراءات والقرارات العمومية التي تتبناها حكومتكم؟ بل أين تنزيل النموذج التنموي الذي أوصى بتعزيز بناء الدولة الاجتماعية؟ أين وأين؟ كل ذلك ما هو إلا وعود كاذبة ما فتئ عزيز أخنوش يقدمها للمغاربة، وعود عرقوبية انهار معها -للأسف الشديد- ما تبقى لدى المغاربة من ثقة في العمل السياسي، الذي يحرص “سعادته” على إعادته وإحيائه في النفوس.
وعليه، لم يبقَ للمواطنين المغاربة من انتظارات سوى الاحتفال برحيلكم عنهم في أقرب الآجال. فلاش: ما يجب الإقرار به ونحن على بعد أيام قليلة من حلول عيد الأضحى المبارك: – أن هذه الحكومة التي يقودها كامبرادوري، بعيدة كل البعد عن هموم الشعب، ولا تنصت لأنينه وأوجاعه. لذلك على المغاربة ألا ينتظروا منها خيرا، لأن مهمتها الأساسية هي الدفاع عن مصالح الباطرونا فقط. – وأن هذه الحكومة التي يقودها سياسي فشِل في تأمين الحاجيات الفلاحية للمغاربة، من الخضر والفواكه والماشية، عندما كان وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، قد تفشل أيضا فيما عدا ذلك، وهو ما أبانت عنه في تدبيرها للأزمات التي تمرّ منها البلاد، مثل أزمة الجفاف وارتفاع أسعار المحروقات. – وأن الأوضاع في المغرب تتفاقم يوما بعد يوم، وأصبحت قابلة للانفجار في أية لحظة وذلك بفعل خلق الأزمات والفتن، وغياب سياسيين وطنيين يضعون مصلحة الوطن فوق مصالحهم الشخصية. – وأنه آن الأوان لإقالة هذه الحكومة التي فُرضت على الشعب المغربي فرضا.