مغرب العالم / يوسف دانون
لازلنا نعاني في عصر التكنولوجيا والانفتاح الرقمي عدة مشاكل ، حيث لم يعد الحذيث في السياسة والمواضيع الحساسة مقتصرا على اهل الاختصاص، بل اصبح متاحا للجميع عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومع ذلك فان هذه الحرية لم تؤد دائما الى نشر الوعي او تعميق الفهم ،بل ساهمت في بروز ظاهرة خطيرة ، تصدر الجهلاء للمشهد السياسي وانتشار المعلومات المضللة .
وكما نعلم جميعا ان السياسة علم معقد يتطلب فهما عميقا للعلاقات الدولية ،والاقتصادية والتاريخ والقانون وغيرها من العوامل التي تشكل القرارات السياسية ، غير ان كثيرا من الجهلاء عبر هاته المنصات يتحذثون فيها دون ادنى معرفة او دراسة ، اغلبهم يعتمد على العناوين المثيرة والتحليلات السطحية، مما جعل هذا الامر يؤدي الى انتشار مفاهيم مغلوطة وتأجيج الصراعات، بدلا من تعزيز النقاش والحوار الهادف ، ويبقى السؤال يطرح نفسه ?? الى متى ستبقى مواقع التواصل الاجتماعي منبرا للجميع وساحة للفوضى ?? .
اعتقد في رأيي المتواضع ان هاته المواقع اتاحت فرصة غير مسبوقة للجميع للتعبير عن رأيهم ، لكنها في الوقت ذاته خلقت بيئة فوضوية مما جعل الآراء المدروسة تتساوى مع الاراء العشوائية، في ظل غياب الرقابة على المضمون ، مما جعل بامكان الكل ان يروج لنظريات واخبار كاذبة، زيادة على الشعارات الرنانة التي تجذب الناس دون اي مضمون حقيقي .
اصبح الجميع يبحث عن هوس الشهرة والترند، اصبح الكل يسعى الى جذب المتابعين باي طريقة كانت، حتى ولو كان ذلك بنشر الاكاذيب واثارة الجدل لاغراض شخصية ، الاخطر من ذلك ان بعضهم يتقمصون دور الخبراء والقضاة و الدكاترة والمحامون ووكلاء الملك الى غير ذلك من المناصب الرفيعة والحساسة ، لكي يؤثرون على الراي العام، بآراء غير مبنية على اي اساس علمي ومنطقي.
فتشويه الوعي العام واثارة الفتن والانقسامات واضعاف الحوار العقلاني ، هي امور مقلقة تهدد وعي المجتمعات واستقرارها، ومع ذلك الحل بيد الافراد انفسهم من خلال البحث عن الحقيقة ودعم الاصوات العاقلة والابتعاد عن الانسياق وراء الضجيج الاعلامي الفاسد والشهرة الزائفة التي تؤدي باهلها الى الهلاك.