تحتضن باكو، عاصمة أذربيجان، ابتداء من اليوم الأربعاء، أشغال المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات، بهدف النهوض بالسلام والأمن، في ظل تفاقم النزاعات الدالة على أزمة كبرى في نظام عالمي صعب.
وبحسب المنظمين، فإن هذه التظاهرة التي تنظمها حكومة أذربيجان بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ومبادرة تحالف الأمم المتحدة للحضارات، ومنظمة السياحة العالمية، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلم والثقافة (الإيسيسكو)، يجمع حوالي 700 شخصية من أكثر من 100 بلد، ضمنها المغرب.
ويناقش رجال دولة رفيعو المستوى ورؤساء برلمانات وزعماء دينيون ودبلوماسيون وعلماء وصحفيون ومشاركون من مختلف الجماعات الإثنية والثقافية، على مدى ثلاثة أيام، موضوع “الحوار من أجل السلام والأمن العالميين.. التعاون والقيادة في الترابط”، بمركز حيدر علييف للمؤتمرات، وهي المعلمة المعمارية التي صممتها المهندسة العراقية زها حديد، كواجهة لبلد يتطلع إلى الحداثة.
ويُمثل المغرب، في هذا المنتدى، سفير المملكة بأذربيجان عادل إمبارش، والسفير والممثل الدائم للمغرب لدى “اليونسكو”، سمير الدهر، الذي تمت دعوته أيضا بصفته رئيس اللجنة المنظمة للأسبوع الإفريقي لـ “اليونسكو” (دورة 2024)، التي ستُعقد ما بين 21 و25 ماي.
وقال رئيس جمهورية أذربيجان، إلهام علييف، الذي افتتح هذا الحدث، إلى جانب شخصيات دولية بارزة من قبيل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لتحالف الحضارات ميغيل أنخيل موراتينوس، والمدير العام لمنظمة (الإيسيسكو) سليم بن محمد المالك، إن هذا المنتدى، الذي يستضيف ممثلين عن أزيد من 100 بلد، يشكل منصة دولية هامة جدا لمناقشة القضايا المتصلة بالحوار بين الثقافات.
وأكد أن “الحوار يمثل اليوم فرصة للعمل بطريقة مؤثرة على مستقبل عالمنا”، مشددا على أن الشبكات الاجتماعية والذكاء الاصطناعي يجب أن تكون رافعة للتفاهم والفهم المتبادل بدلا من أن تكون عائقا للتواصل ومصدرا للخلاف.
كما أبرز الرئيس الأذربيجاني التزام بلده الجاد بتعددية الأطراف، قائلا “لقد عززنا قيم التعددية بحركة غير الانحياز منذ سنة 2019 وحتى بداية هذه السنة”، مستعرضا التدابير الهامة المتخذة إبان رئاسة أذربيجان للحركة، بما في ذلك إحداث الشبكة البرلمانية، ومنظمة الشباب، ومنصة المرأة التابعة للمنظمة نفسها.
من جانبه، قال السيد موراتينوس إن عقد هذه النسخة من المنتدى “يكتسي أهمية خاصة في وقت تسود فيه الأخبار السيئة واليأس بشكل شبه يومي”، معربا، في المقابل، عن أمله في “مستقبل أفضل”.
وأشار إلى أن “أوكرانيا والشرق الأوسط يدعواننا جميعا إلى وضع حد لهذه الأزمة وهذا النزاع، وأعتقد أنه علينا أن نحاول السعي إلى السلام والاستقرار على كلا الجانبين”.
من جهة أخرى، أشاد المسؤول الأممي بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في 19 أبريل بين أذربيجان وأرمينيا بشأن ترسيم الحدود، معتبرا أنها “خطوة إيجابية للغاية وإشارة قوية لنا جميعا، وهناك سبب وجيه للأمل في أن يتم حل جميع القضايا الأخرى العالقة قريبا من أجل تحقيق المصالحة الكاملة”.
ومضى قائلا “لقد أصبح الحوار والسلام والأمن والتعاون والترابط مفاهيم مترابطة بشكل متزايد ويعزز بعضها بعضا”، لافتا إلى أن “الحوار هو نهج التغيير الذي يربط بينها جميعا”.
وأضاف أن “الحوار هو إحدى أدوات القوة الناعمة للوقاية من النزاعات وتسويتها”، مسجلا أنه ينزع فتيل التوترات قبل أن تتفاقم ويسد الفجوات لتيسير حل مقبول للطرفين.
كما أعرب المسؤول الأممي عن قناعته بأن تعقيد التحديات العالمية اليوم يتطلب مقاربات وشراكات جديدة، داعيا إلى تحالف والتزم جماعي بالسلام، على أن يكون الحوار هو الخطوة الأولى وليس الأخيرة.
يشار إلى أن الهدف الرئيسي لهذا المنتدى، الذي يندرج في إطار “عملية باكو”، التي أطلقها الرئيس إلهام علييف سنة 2008، يتمثل في استكشاف أوجه التقاطع الجوهرية بين تيسير الحوار وأطر التعاون وفعالية القيادة والديناميات المعقدة للترابط، وذلك من أجل تعزيز متطلبات السلام والأمن العالميين.
ويضم برنامج المنتدى سلسلة من الجلسات العامة والموائد المستديرة التي تجمع ثلة من الجهات الفاعلة حول مواضيع تشمل، على الخصوص، التربية والشباب وتغير المناخ والذكاء الاصطناعي وحماية التراث الثقافي والهجرة غير الشرعية.