يعكس التأهل المُشرّف للمنتخب الوطني لكرة القدم للسيدات إلى الدور الثاني لنهائيات كأس العالم المقامة في أستراليا ونيوزيلندا، بشكل واضح لا لُبس فيه، سُمُوّ ووجاهة سياسة اجتماعية ورياضية رائدة تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. سياسة تُتيح للمغربيات والمغاربة فرصة إظهار قدراتهم بشكل كامل وشق طريقهم نحو التميز.
ولم تتأخر مكاسب هذه الاستراتيجية الاستباقية والمبتكرة في الظهور للعيان. ولعل خير دليل على ذلك التأهل المشرف للمنتخب الوطني إلى المرحلة القادمة من العرس الكروي للسيدات، وهو إنجاز غير مسبوق بالنسبة لبلد عربي.
وعلى مر اللقاءات الكروية الكبرى، كان أداء الرياضيين المغاربة، رجالا ونساء، مُبهرا بل ليس مفاجئا لأنه يُعد، وفقا للخبراء والمراقبين، تتويجا لاستراتيجية تنموية شاملة ضمن نهج الاستدامة. ويكفي في هذا المقام الإطلاع على تحليلات وتعليقات عناوين الصحافة العالمية والمتخصصة لإدراك حجم الإنجازات والنجاحات التي حققتها الرياضة الوطنية.
ويعكس هذا التألق، الذي تصدّر عناوين الصحف محليا ودوليا، رؤية حكيمة ومتبصرة وُضعت لبناتها على أعلى مستوى في الدولة من أجل تعزيز دور الرياضة كرافعة للتنمية والازدهار.
وفي إطار هذا النهج الاستباقي، لم يتوان صاحب الجلالة الملك محمد السادس في إعطاء الزخم اللازم لتعزيز دور المرأة المغربية وتمكينها. وبنفس القدر من الأهمية، جعل جلالته من تنمية قدرات الشباب وتعزيز ممارسة الرياضة على نطاق واسع واحترافي، أولوية وطنية وإحدى قاطرات التنمية السوسيو اقتصادية للمملكة.
وللوقوف على وجاهة هذا النهج الملكي، يكفي التأمل في إنجازات المنتخبات الوطنية خلال التظاهرات الرياضية الكبرى، على غرار الملحمة التي قدمها أسود الأطلس في كأس العالم الأخيرة التي احتضنتها قطر؛ فخلال هذه البطولة العالمية، شكل إنجاز المنتخب الوطني مبعث فخر واعتزاز للأمة والعالم العربي وإفريقيا.
كما يمثل أداء أسود الأطلس وأداء المنتخبات الوطنية الأخرى، اليوم، أحد مظاهر تفوق الشباب المغربي والمكانة التي تحظى بها المملكة على الساحة العالمية.
ولعل هذه الإنجازات تشكل، دون أدنى شك، ثمرة الجدية والمثابرة، وهي قيم أساسية أبرزها الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ24 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين، لبلوغ مرحلة جديدة نحو التقدم والازدهار.
وهكذا، فإن التأهل الذي حققته لبؤات الأطلس، اليوم، بعد أشهر قليلة فقط من الإنجاز التاريخي المُبهر لأسود الأطلس في مونديال قطر، سيُخلد بمداد من ذهب في تاريخ كرة القدم العالمية، بل وأضحى، وفقا للخبراء، مصدر إلهام لنساء ورجال وشبان وشابات العالم بأسره.
ولأسباب وجيهة، فإن هذا التأهل، الأول من نوعه لدولة عربية، هو، بما لا يدع مجالا للشك، ثمرة جهود جبارة على مدى سنوات من أجل تحرُّر المرأة وتعزيز جاذبية الرياضة النسوية، ولا سيما كرة القدم.
وتحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ركز المغرب بالفعل على النهوض بجودة البنية التحتية في شتى القطاعات والتدبير الفعال والحديث لقطاع الرياضة، كجزء من استراتيجيته التنموية الشاملة.
ولتسريع تطوير كرة القدم النسوية، لم تدّخر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أي جهد في تسخير جُل وسائلها لدعم الأندية على المستويين المادي والتقني، وتعزيز انتقال عقلاني نحو الاحتراف.
وفي إطار هذا الورش الطموح، تبرز أكاديمية محمد السادس لكرة القدم مبادرة ملكية كنموذج للتدريب الرياضي وتطوير المواهب.
ولم تتأخر نتائج هذا الجهد الجماعي في البروز، حيث شكلت المشاركة الرائعة لفريق الجيش الملكي النسوي في النسخة الأولى من دوري أبطال إفريقيا، التي نظمت في مصر عام 2021، مؤشر تقدم ملحوظ لكرة القدم النسوية في المملكة.
وفي سنة 2022، احتضن المغرب بطولة كأس الأمم الإفريقية للسيدات، حيث تأهلت لبؤات الأطلس، بروح معنوية عالية، إلى النهائي وأثرن حماسة شعبية غير مسبوقة في القارة السمراء.
وبالنسبة للبؤات الأطلس، فإن المشاركة في كأس العالم هي بداية فقط على درب النجاح والاستمرارية، فبمجرد انتهاء هذا الحدث، سينصب الاهتمام على تحقيق هدف جديد يتمثل في انتزاع بطاقة التأهل للألعاب الأولمبية التي ستقام في باريس عام 2024.
لقد أضحت الرياضة الوطنية، بفضل الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة، تملك كل المقومات التي تؤهلها لمواصلة التألق على المستويات القارية والدولية.