الاستراتيجي بشكل عام حتى أصبحت تحوم حوله العديد من علامات الاستفهام من قبيل النجاعة والمردودية والجودة. صحيح أن
ميناء طنجة المتوسط اليوم يدخل ضمن الطفرة التي يعرفها المغرب في تحقيق المشاريعِ الكبرى، ويساهم في تلبية الطلبات المتزايدة على حركة النقل البحري، في مبادرة معقلنة وناجعة لجعل المملكة المغربية أكثر انفتاحا نحو تشجيع المستثمرين الأجانب، عبر تدشين خطوط ملاحية حيوية بسلاسة مهنية، تستجيب لتطلعات المصدرين والمستوردين، في بلوغ بضائعهم إلى وجهاتها بعد المعالجة الفورية في أوقات قياسية، ورفع تحدي الهاجس الزمني الذي ظل يؤرق شريحة كبيرة من المهنيين. غير أن هذا المبتغى لايزال بعيد المنال بسبب ضعف التسيير وسوء التدبير وانعكاس ذلك على مستقبل الميناء وسمعة الملاحة البحرية الوطنية.
حديثنا عن الفشل في تدبير ميناء طنجة المتوسط لا يدخل في باب التجني على القائمين بشؤونه، ولكن يأتي من خلال رصدِ واقع حال الميناء الذي حتى وإن حقق طفرة نوعية على المستوى الكمي من خلال رفع الطاقة الاستيعابية للحاويات وتعزيز مكانته كمنصة عالمية للتجارة، تبقى واحدة من نقاط ضعفه تلك المرتبطة بالجانب الكيفي وطريقة تعاطي المسؤولين مع مجموعة من الإكراهات خصوصا تلك المرتبطة بالبنية التحتية ومدى فعاليتها في تسهيل حركة الشحن، وبالتالي ضمان النجاعة في تدفق سلس للبضائع، وتقليص أوقات العبور، وتقليل التكاليف، وتعزيز الأداء العام لسلسلة التوريد. هنا نسجل بأن المسؤول الأول عن ميناء طنجة المتوسط فشل فشلا ذريعا في ضمان مرونة البنية التحتية رغم الاستثمارات الضخمة التي تم رصدها وصرفها في عملية التوسيع وبناء الأرصفة التي لم تحقق الغاية المراد منها في خلق المرونة والليونة اللازم توفرها في عمليات التصدير والاستيراد. وهو ما يجسد غياب رؤية استشرافية لدى القائم على شؤون الميناء، ويعطي الإنطباع على أن هذا المرفق ليس بين أيادي آمنة قادرة على الابتكار وإبداع استرتيجيات عملية قادرة على تحويل عبث التدبير إلى دينامية فعالة. بمعنى آخر ما جدوى من صرف ميزانيات ضخمة في عملية توسيع البنية التحتية إن لم تكن الغاية منها الحد من ظاهرة الاكتظاظ والمماطلة؟ هذا دون الحديث عن الغياب المتكرر لرئيس مجلس الرقابة للوكالة الخاصة لطنجة المتوسط عن المركب المينائي طنجة المتوسط الأمر الذي يطرح العديد من علامات الإستفهام حول دوافع ومبررات تواريه عن الأنظار إن صح التعبير، فهل بمثل هذه الممارسات يمكن لهذا الصرح الاستراتيجي تحقيق الريادة وتطوير الممارسة في مجال تسيير وإدارة منصات الموانئ المندمجة؟ وهل رغبة المستثمرين في ايجاد واجهات أخرى غير المغرب للاستثمار هو انعكاس لما يعيشه الميناء من عبث حتى أصبح نقطة سوداء في مجال الملاحة البحرية؟
يتبع..