الصحافي فؤاد السعدي- المغرب
سؤال يصعب الإجابة عنه في ظل الإخفاقات العديدة للوالي امهيدية، وفشله في تدبير مرحلةٍ أصبح خلالها بمثابة الحاكم بأمره الذي لا يأتيه الباطل لا من أمامه ولا من خلفه. فشل يستوجب معه وبشكل منطقي ترك زمام أمور تدبير ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، بعدما غابت “الجدية” التي دعا إليها جلالة الملك عن ممارسته لمهامه. وصار مستأثرا بالقرار الجهوي والمحلي، وكرَّس بشكل معلن تدبيرا تقنوقراطيا مَنزوع “الدَّسم السياسي”.
تدخل الوالي امهيدية المبالغ فيه في السياسات العمومية الترابية بعد انتخابات الثامن من شتنبر، كانت له آثار سلبية على مسار الديمقراطية الترابية بمدينة طنحة من خلال النزع العملي لصلاحيات المؤسسات المنتخبة وإفراغها من وظائفها وإعادة انتاج النزعة المركزية على الصعيد الترابي، ليتحول الوالي من موظف سامي الى حاكم محلي أو “واصي” على رؤساء المجالس الجهوية والإقليمية والجماعية.
فرغم كل الشعارات المرفوعة من قبيل إدارة فعالة، خدومة، منفتحة، مواطنة وقريبة من انشغالات المواطنين، إلا أن واقع إدارة ولاية طنجة في عهد محمد امهيدية كانت عكس الطموحات تماما، وأظهرت للجميع عجزها وفشلها في تحقيق كل مهامها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، بل وأبانت عن فشلها في تدبير بعض القطاعات الحيوية، أهمها قطاع التعمير والملك العمومي وغيرهما، الشيء الذي يؤكد مزيدا من ضعف الحصيلة وعدم القدرة على الاستثمار الأمثل لمهارة حل المشكلات وترشيد الموارد والإمكانات المادية والبشرية.
لقد نحج امهيدية خلال الأشهر الأخيرة من ولايته لجهة الشمال في تكريس العبث بكل تجلياته من خلال التضييق على المواطن البسيط وحرمانه من أبسط حقوقه الدستورية في الحصول على أبسط وثيقة إدارية تحت ذريعة الحد من التسيب الإداري الذي يمارسة المنتخبون، فمن وجهة نظر الوالي أن المنتخبون فاسدون، لا يمكن الوثوق بهم، وهو بهذا الفعل يسعى إلى شيطنتهم وتقزيم دورهم ويضرب العملية الديمقراطية في العمق.
ومن أجل أن يداري على فشله في الحد من ظاهرة السكن العشوائي والبناء غير القانوني أصدر تعليماته لرجال السلطة باطلاق العنان للجرافات والمعاول ومباشرة هدم ما استطاعوا إليه سبيلا من مساكن المواطنين البسطاء، كأن الحل الوحيد لمعالجة هذه الظواهر هي المقاربة الزجرية المجردة من البعد الإجتماعي، وكأن المخالفات لا يرتكبها إلا هؤلاء، أما عليات القوم من المنعشين العقاريين وأصحاب النفوذ لا تجرئ جرافات الوالي من الاقتراب منها، لتكون النتيجة لجوء العديد من المواطنين الى المحاكم للدفاع عن مصالحهم من الحيف الذي أصابهم واسترداد حقهم مما أصابهم من شطط الوالي ورجالاته في استعمال السلطة.
فلم يكن قطاع التعمير موضوع شكايات المواطنين من شطط السلطات الولائية، بل حتى ظاهرة الملك العمومي تم التعاطي معها بنوع من العشوائية والإرتجال والمزاجية المفرطة، والنموذج ما حصل مع صاحب مقهى ومطعم بالقصبة بالمدينة العتيقة عندما أصدر الوالي تعليماته أشراف شخصيا على هدم محله بدون وجه حق في خرق سافر للقانون، والقضية اليوم أمام أنظار المحكمة الإدارية بالرباط لتحديد الأضرار الناجمة عن قرار عشوائي ستتحمل خزينة الدولة تكلفته، على اعتبار أن امهيدية اعتدى على ملك خاص وليس عام. هذا دون الحديث على التحامل الذي تعرض بنجلون من السلطات الولائية وصل صداها الى العاصمة الرباط بسبب أن الرجل أبدى رأيه في موضوع سياسي يهم الشأن العام المحلي ليحوله الوالي الى قضية شخصية وتصفية للحسابات.
السؤال اليوم هو كيف سيتعامل يونس التازي الوالي الجديد لجهة طنجة تطوان الحسيمة مع هذا الإرث الثقيل والملفات الحارقة التي تركها امهيدية فوق مكتبه؟ ملفات تحمل ما تحمل من أهمية وثقل عارم، ملفات ظلت تنتظر الحل أو الفرج سنوات طويلة. فهل سيتم التعاطي مع جميع الملفات في ظل تدبير الوالي التازي بكل دقة وحرفية ومسؤولية من وتسريع معالجتها. أو بعبارة أدق، هل سينجح التازي فيما فشل فيه امهيدية؟