تعززت الشراكة بين المغرب وبلجيكا، التي طالما كانت تاريخية، كثيفة ومتنوعة، خلال العام 2023، وذلك بفضل رغبة البلدين في تعزيز تعاونهما الثنائي خدمة للشعبين الصديقين.
إنها إذن إرادة سياسية على أعلى المستويات تؤكد الصداقة طويلة الأمد القائمة بين المملكتين، اللتين احتفلتا في 2021 بالذكرى الـ 150 لإقامة علاقاتهما الدبلوماسية.
وتطورت الشراكة الثنائية، أيضا، مع مرور الزمن لتشمل مجالات ومواضيع متنوعة تحظى بالاهتمام المشترك، بدءا من التجارة والاستثمارات وصولا إلى الثقافة، ومرورا عبر الطاقات المتجددة، الأمن، العدالة والهجرة.
وقد مكنت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى بروكسيل، والتي جرت في أكتوبر الماضي، وتميزت بمحادثات مع رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دو كرو، من التأكيد، مرة أخرى، على تميز العلاقات الثنائية، وفقا لتطلعات قائدي البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس وعاهل بلجيكا الملك فيليب.
وخلال هذا اللقاء، الذي حضره وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أعرب الجانبان عن ارتياحهما للشراكة القائمة بين المملكتين، وتطرقا إلى السبل الكفيلة بتعزيز العلاقات، ومواجهة التحديات المشتركة الحالية والمستقبلية.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى الدعم المعبر عنه من طرف بلجيكا لمخطط الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، المقدم من طرف المغرب في العام 2007، والذي يشكل بحسب الحكومة البلجيكية “مجهودا جديا وذا مصداقية من قبل المغرب وأساسا جيدا لبلوغ حل مقبول من الأطراف” للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وتم تجديد التأكيد على هذا الموقف، مؤخرا، على لسان متحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية البلجيكية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، في إحالة على الإعلان المشترك الصادر في 20 أكتوبر 2022، والذي جرى اعتماده عقب اجتماع السيد بوريطة، مع نظيرته البلجيكية، حجة لحبيب.
من جهة أخرى، فإن هذا الموقف يتوافق مع المبادئ التي ذكر بها القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلق بقضية الصحراء، أي القرار 2703 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 2023.
وأكثر من التفاهم السياسي، تتميز الشراكة المغربية-البلجيكية بطابعها متعدد الأشكال، ما يمكنها من أن تشمل مجالات تعاون متنوعة وذات قيمة مضافة عالية لكلا الطرفين.
هكذا، تميزت سنة 2023 بتعدد اللقاءات بين مسؤولي البلدين على المستوى الحكومي، الجهوي والقطاعي، وذلك بهدف مواصلة تعزيز التعاون الثنائي في مجالات مثل العدالة، الأمن، المقاولة والثقافة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تعد مجالات التحول الطاقي، والهيدروجين الأخضر، والاقتصاد الدائري، والاقتصاد الأزرق، والرقمنة من بين المحاور الرئيسية للشراكة متعددة الأبعاد القائمة بين المغرب وبلجيكا.
ويبقى المجتمع المدني حاضرا في هذه الشراكة. حيث ينعكس الحضور القوي للجالية المغربية ببلجيكا في متانة الروابط الإنسانية وتعدد المبادرات الرامية إلى تعزيز المبادلات الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية بين الشعبين الصديقين.
ومن بين المبادرات المنجزة في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى انعقاد الدورة السابعة لـ “ملتقى الأعمال المغربي-البلجيكي”، في أكتوبر الماضي بطنجة، وذلك بمشاركة فاعلين اقتصاديين من كلا البلدين، بهدف تعزيز الاستثمارات بين البلدين، وإقامة شراكات بين المقاولات المغربية والبلجيكية، وتعزيز التجارة الثنائية.
علاوة على ذلك، تجسد القرب بين الشعبين، مرة أخرى، في التدفق الهائل للتضامن مع المغرب في أعقاب زلزال الحوز، والذي قدم دليلا ساطعا على العلاقات الإنسانية الوثيقة القائمة بين المغاربة والبلجيكيين.
و أن العلاقات بين المملكتين “قديمة، كثيفة وما فتئت تتسع وتزداد ثراء، خاصة على المستوى الإنساني والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي”، و أن المبادلات الثنائية سجلت، خلال السنوات الأخيرة، دينامية غير مسبوقة، لاسيما بفضل الجالية المغربية المندمجة بشكل جيد في بلجيكا، مع الحفاظ على ارتباطها القوي ببلدها الأم.
هكذا، كانت السنة الماضية مثمرة من حيث تعزيز الشراكة المغربية-البلجيكية متعددة الأوجه، لكن الطرفين معا يتطلعان إلى تعزيز تعاونهما بشكل أكبر طالما توجد فرص عديدة للتعاون في جميع القطاعات.