تميز حفل افتتاح الدورة الـ15 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، مساء أمس الخميس، بإيقاعات موسيقية متنوعة ومتفردة، كرست تآخيا وتمازجا عابرا للمحيط.
وشكل هذا الحفل، الذي يعد ثمرة إقامة فنية استثنائية بين “المعلمين”، مزيجا فنيا فريدا مغربيا، إفريقيا، إسبانيا وبرازيليا، حيث جمع بين المعلمين حسن بوصو ومولاي الطيب الذهبي، وفرقة دومانلي، ونينو دي لوس رييس، وسيرخيو مارتينيز، وإيلي آيي.
ومرة أخرى، كرس حفل الافتتاح، الذي حضره جمهور عريض من مختلف الفئات العمرية من المغرب وخارجه، انفتاح مدينة الرياح على باقي العالم، للاحتفال بكل روافدها المغربية والإفريقية والإيبيرية، بل وتلك الآتية من وراء المحيط الأطلسي أيضا، مجسدا بذلك أنشودة للتمازج المنسجم بين الثقافات.
ومكن هذا الحفل، الذي أقيم على منصة مولاي الحسن الشهيرة، وتميز بألوان متعددة شدت أنظار الجمهور العاشق لإيقاعات موسيقى كناوة، من اكتشاف الأداء الصوتي والموسيقي للمعلمين المنفتحين على مدارس موسيقية مختلفة وأصناف فنية متنوعة.
وهكذا، أتحف المعلم حسن بوصو، جمهور موغادور، الذي لم يفوت هذا الموعد مع ألمع المعلمين، بأداء فني استثنائي ينم عن دقة في إتقان “تاكناويت” بأصالتها مع استلهام غنى التراث الموسيقي الغربي.
وبدوره، أمتع المعلم مولاي الطيب الذهبي، جمهور كناوة وموسيقى العالم، بتوليفات موسيقية جذبت أنظار الشباب الذين حضروا للاستمتاع بأداء سليل عائلة كناوية بامتياز، راكم تجربة لامعة نهلت من معلمين آخرين كمحمد كويو وعبد الكبير بن سلوم.
وفي جو مليء بالبهجة والروحانية، أمتع المعلم الشاب سعيد كويو، الذي تغذى على ثقافة كناوة منذ صغره على يد جدته، جمهور وعشاق “تكناويت” بأداء متميز شد أنظار الجمهور وسيظل بالتأكيد خالدا في أذهانهم .
وبدوره، تألق المعلم الشاب عبد المالك القادري، المنتمي إلى الزاوية القادرية، متسلحا بما راكمه من معرفة ودراية نهلها من معلمين كبار كالمرحومين عبد الله غينيا، وعبد الرحمان باكو، والشريف الركراكي وغيرهم.
وإلى جانب هؤلاء المعلمين الشباب، ساهم في إحياء هذه الأمسية الكناوية، المعلم عبد السلام عليكان، المدير الفني للمهرجان وأحد مؤسسيه ورئيس جمعية (يرمى كناوة)، والذي شكل عرضه الموسيقي إحدى أبرز لحظات الحفل الافتتاحي.
وفي عرض آخر، تألقت فرقة دومانلي، التي يديرها الفنان الكوريغرافي هيرمان نيكوكو، بأدائها وقدرتها الكبيرة على التعريف بالقيم التراثية المحلية الأصيلة على الساحة الدولية، من خلال إنتاجات كوريغرافية تستلهم مواضيعها من التراث الثقافي لكوت ديفوار . كما أتحفت الفرقة الجمهور برقصة “الزاولي” المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.
وعلى مدى ثلاثة أيام، ستتواصل الإيقاعات والألوان الموسيقية المتعددة ضمن حفلات المنصات الكبرى لكناوة وموسيقى العالم مرورا بالحفلات الموسيقية الوترية الموازية للحفلات الرئيسية، مضفية بذلك على أزقة المدينة العتيقة للصويرة أجواء احتفالية ولحظات مميزة تنثر سحرها على باقي الأمكنة وتضفي عليها طابعا فريدا يؤثث المساحات الزمنية الممتدة والعابرة للمحيط.
جدير بالذكر أن الدورة الـ 25 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي يضيء سماء مدينة الرياح، تستضيف 400 فنان سيحيون ما مجموعه 53 حفلا موسيقيا، ضمن أجندة مواعيد موسيقية رائدة، تقترح على الجمهور مجموعة واسعة من الإيقاعات الموسيقية النوعية.
وسيكون الجمهور، هذه السنة، على موعد مع مغني الراب الفلسطيني متعدد اللغات سانت ليفانت (واسمه الحقيقي مروان عبد الحميد) والثنائي المتمرس “عيطة مون أمور”، الذي يتألف من المغنية المغربية وداد مجامة، والموسيقي التونسي خليل إيبي، اللذين سيعيدان ببراعة إحياء هذا النوع الموسيقي المغربي التقليدي الشعبي.
كما سيتمكن رواد المهرجان من الاستماع إلى واحدة من أجمل الأصوات في الفلامنكو، وهي المغنية الإسبانية من أصل غيني استوائي بويكا، ذات الصوت المتميز.
وسيكون الحفل الموسيقي لعازف الترومبيت الأمريكي الأسطوري راندي بريكر، الحائز على 7 جوائز “غرامي”، من أبرز فعاليات المهرجان هذا العام.
وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية والأمسيات الفنية، ستنعقد الدورة الحادية عشرة من منتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، والتي ستنظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، حول موضوع “المغرب-إسبانيا-البرتغال.. تاريخ بمستقبل واعد”.