بقلم : الصحافي أمين بوشعيب/ إيطاليا
في السنة الماضية كشف المعهد المغربي لتحليل السياسات أن مؤشر الثقة في حكومة عزيز أخنوش انخفضت من 69 في المئة السنة الماضية، إلى 43 في المائة في عام 2023.
وهذه السنة أكد استطلاع للرأي أجراه “البارومتر العربي” أن ثلثيْ المغاربة لا يثقون في أخنوش وحكومته. وهذا يدل على أن ثقة المغاربة في حكومة أخنوش تنخفض سنة تلو الأخرى، فكلما أطفأت هذه الحكومة شمعة من عمرها أضافت سنة عجفاء إلى رصيدها. وهو بالتالي ما يفنّد كل ادعاءات أخنوش التي ما فتئ يرددها منذ تعيينه، حول المشروع المجتمعي الذي يتقاسمه جميع المغاربة، والذي يتطلب حسب قوله الحرص المستمر على استغلال العائدات الاقتصادية لصالح الأهداف الاجتماعية؛ أي بلوغ مستوى متقدم من التكامل الوظيفي بين الشق الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق قيم الإدماج وتكافؤ الفرص والاستدامة.
ومن آخر مزاعمه قوله يوم الاثنين الماضي بمجلس النواب: “إن الاختيارات الحكومية الرامية إلى خلق التنوع الاقتصادي، مكنت الاقتصاد الوطني من تحقيق نتائج ايجابية، على الرغم من التحديات التي فرضها السياق الوطني والدولي، حيث استطاعت بلادنا، تسجيل أرقاما مهمة فاقت التوقعات المنتظرة، إذ حققت نسبة النمو سنة 2023 ارتفاعا مهما بلغ 3.4%، مع تجاوز عتبة الـ 140 مليار دولار كناتج داخلي خام، لأول مرة، وهو ما يبرز الدينامية التي شهدها النسيج الاقتصادي الوطني خلال السنتين الماضيتين”.
وبالعودة إلى استطلاع الرأي الذي أشرنا إليه، والذي أجراه “البارومتر العربي” نجد فيه التأكيد على أن المغاربة يعتبرون الاقتصاد أكبر تحدّ يواجه البلد، إذ لم يعبر سوى ثلث المغاربة عن رضاهم بالوضع الاقتصادي، وتنخفض نسبة الرضى عن الوضع الاقتصادي لدى الفئات التي لا يمكنها تغطية نفقاتها إلى 18% فقط.
ومن مظاهر اللامساواة والمشقة الاقتصادية البارزة التي سجلها “البارومتر العربي” انعدام الأمن الغذائي، فـ63% من المغاربة يؤكدون أن الطعام ينفد قبل توفر النقود لشراء المزيد، وهو ما يعكس تفاقم انعدام الأمن الغذائي.
لا أدري إن كان رئيس الحكومة يطلع على هذه الاستطلاعات والتحقيقات التي تجريها هذه المعاهد المعروفة بمصداقيتها، أم انه لا يرى سوى أرنبة أنفه، غير آبه بالانتقادات التي تُوجه لحكومته.
لكن عزيز أخنوش عندما كان وزيرا للفلاحة، ولا زلتُ أتذكر أنه توعد المغاربة من مدينة ميلانو الإيطالية بـ”إعادة تربية المغاربة”. حيث أثارت هذه العبارة موجة من الغضب والاستياء العارم لدى جمهور عريض من المغاربة، واعتبروها تحريضا على العنف وضربا بعرض الحائط للقوانين والمؤسسات. حيث قام بعضهم بتوظيف المقطع الذي يتوعّد فيه أخنوش المغاربة في مقاطع فيديو تقوم بدمجه في مشاهد كوميدية، مثيرة للسخرية.
لكن الأمر لم يكن هزْلا بالنسبة لأخنوش، فما إن أصبح رئيسا للحكومة حتى بدأ في تنفيذ وعيده. وكذلك بالنسبة إلي شخصيا، فلم أكن أرى في الأمر سخرية، فمن خلال تتبعي لما يجري في المغرب سواء من هنا من ديار الإقامة، أو من خلال زياراتي للوطن، كنت أرى ما يشبه المؤامرة على هذا الشعب المغربي الذي لا يريد سوى العيش الكريم.
ولقد كتبت عدة مقالات تحذر من خطورة استمرار هذا الكامبرادوري الذي لا تهمّه لا حكومة ولا برلمان ولا شعب، ولا هم يحزنون، كلّ ما يهمّه من السياسة هو الجمع بين السلطة والثروة من أجل الارتقاء في سلم الإثراء على المستوى العالمي بعد أن تمكّن من انتزاع لقب أغنى رجل في المغرب على مستوى رجال الأعمال. وما الدولة الاجتماعية التي ما فتئ يتشدق بها منذ تنصيبه رئيسا للحكومة، ما هي سوى شعارات جوفاء لدغدغة المشاعر.
فالأوضاع في المغرب مقلقة جدا، وتتّسمُ باستمرار موجة غلاء أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وهناك تقديرات تشير إلى أن ملايين المغاربة باتوا يعيشون تحت خط الفقر، بسبب الأزمة التي تعصف بالبلاد. وهذا ما ظهر بشكل صارخ خلال الأيام التي سبقت عيد الأضحى، مما دفع نبيلة منيب، الأمينة العامة السابقة لحزب الاشتراكي الموحد، إلى القول بإن غلاء المعيشة بات عائقا أمام المغاربة للاستمتاع بأجواء الأعياد؛ إذ أضحت فرحة العيد غائبة بين أفراد المجتمع.
ولقد كنت نبهت في مقالة سابقة، أن المغرب سيواجه مشاكل كبيرة بسبب المخطط الأخضر الذي كان يرعاه عزيز أخنوش منذ سنة 2008، عندما كان وزيرا للفلاحة، حيث تنبأنا بفشله، وقلنا بأن أخنوش ليس رجل الميدان المناسب لمثل هذا المخطط، فليس بينه وبين قطاع الفلاحة سوى الخير والإحسان. وهو ما أكده بعد ذلك تقريرٌ صادرٌ عن المجلس الأعلى للحسابات، إذ حمل بدوره العديدَ من الملاحظاتِ السلبيةِ بخصوص نتائج المخطط، حيث تطرّق إلى الإشكالاتِ التدبيرية والمالية التي عرفتها المشاريع الفلاحية التضامنية، وأكّد أنها تبقى بعيدةً كل البعد عن الهدف الذي من أجله رُصدت لها الاعتماداتُ المالية” .
وهناك من ذهب أبعد من ذلك، واعتبر أن المخطط الأخضر لم يساهم في تحقيق الأمن الغذائي، ولم يحافظ على الفرشة المائية، ولم يُجنب المغاربة التضخم في أسعار المواد الغذائية والحيوانية، وهوما سيقود البلاد إلى الكارثة.
ليس هناك ما يفيد أن هذه الحكومة قد أبدت اهتمامات فعلية بما يجري، أو أعلنت عن وضع خطط عاجلة بهدف مواجهة التحديات والصعوبات التي تعرفها أوضاع العباد والبلاد، اللهم إصدار بعض البلاغات والتصريحات الحكومية -كلما اقتضى الأمر ذلك- تُعبّر عن قلق الحكومة البالغ بشأن الجفاف وارتفاع الأسعار الخارجيْن عن إرادتها، بسبب تقلبات المناخ، وتقلبات الأسواق الدولية.
فلاش: في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي أمر أمتي فرفق بهم فارفق به”. لا شك أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية المستجابة، فمن ولي شيئا من أمر الأمة فشق عليهم فسيشق الله عليه. وأما سند الحديث: فهو ـ كما قال مسلم: حدثني هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب، حدثني حرملة، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن عائشة، ثم ذكر الحديث. اللهم قد بلغت، اللهم اشهد.