بقلم: الصحافي فؤاد السعدي
رغم تفويت قطاع النظافة لشركتين مغربيتين “ميكومار” و”أرما”، ما زال الطنجاويون يلاحظون أن هناك قصورا كبيرا فيما يتعلق بهذا المجال؛ إذ ما زالت الأزبال والنفايات تؤثث فضاء جل أحياء المدينة، خاصة الشعبية منها والعشوائية، وما زالت الأوساخ والقاذورات وبقايا أعقاب السجائر، والبلاستيك، ومعلبات مختلف المنتجات الاستهلاكية، تتراكم في مختلف الشوارع والأزقة، الشيء الذي يطرح تساؤلا عميقا حول أسباب هذه الوضعية التي تمس بجمالية عاصمة البوغاز وبوابة أفريقيا نحو القارة العجوز وتشوه صورتها الخارجية في الوقت الذي تقبل فيه المدينة على تظاهرات قارية ودولية كبرى.
وقد عاينت جريدة “المستقل” بعدد من احياء مدينة طنجة ووسطها، العشرات من حاويات الأزبال المتسخة والمهترئة المنتشرة بأرصفة الشوارع، في وضع يشوه المنظر العام ويؤثر على الصحة العامة والبيئة.
ومن خلال الصور التي التقطتها كاميرا الجريدة، تكشف حجم الاهمال من الجهات المختصة بالنظافة التابعة للجماعة، والتي لم تعمل على تنقية الحاويات وتعقيمها كما هو مفروض في تدبير هذا القطاع الحيوي بالمدينة، والتي يؤدي المواطن رسوم على هذه الخدمة العمومية. شوارع متسخة، نفايات متراكمة هنا وهناك، روائح كريهة تزكم الأنفس في كل مكان.
وضع يتطلب تدخل مستعجل من السلطات بطنجة، خصوصا ان المدينة مقبلة على تظاهرات عالمية، من أجل وضع حد لهذا العبث التدبيري الذي صار لا يطاق ولا يحتمل سواء في قطاع النظافة أو في غيرها من القطاعات الحيوية الأخرى.
فكل هذه المؤشرات تدفعنا إلى القول بأن تركيبة مكتب المجلس الحالي هي أفشل تركيبة عرفتها مدينة طنجة على الإطلاق، وهذا الفشل ما هو إلا انعكاس لفشل المجلس الجماعي الحالي ككل في تسيير وتدبير الشأن العام المحلي وبالخصوص من يترأسه، يتحمل كامل المسؤولية في ذلك.
السؤال المحير هو ما هي الأسباب التي جعلت هذا المجلس غائب عن تدبير شؤون هذه المدينة، التي حابها الله بجمال قل نظيره، وتركها تتخبط في هذه الفوضى؟ هل عدم الكفاية وضعف القدرة على التسيير؟ أم غياب الغيرة الكافية على المدينة؟ أم أن المرجعية الانتهازية لبعض المسيرين تجعلهم يرون بأن الأمور عادية؟
لا يكفي أن تكون رائدا للفضاء أو مهندسا أو عالما حتى، لتتفوق في تدبير مجلس جماعي، وإنما تحتاج أولا وقبل كل شيء للغيرة الصادقة على المجال أو القطاع الذي تسيره، ثم تأتي بعد ذلك الدراية الكافية بآلية التدبير والتسيير التي تمكن من صياغة مخطط إستراتيجي يترجم بعد ذلك إلى مخططات عمل دقيقة تمكن من بلوغ الأهداف المسطرة سالفا، دون إغفال آليات التتبع والتقييم التي من شأنها أن تصحح كل اعوجاج تم رصده خلال تنفيذ مراحل المخطط الاستراتيجي.
معلوم أننا سجلنا في السابق تدخل السلطات في اختصاصات المجالس المتعاقبة، الأمر الذي أدى إلى الارتباك في مسار تنمية المدينة، وتسبب في تعطيلها في أحيان عديدة، غير أن اليوم تغير كل شيء مع الوالي التازي الذي منح هامشا كبيرا لحركة رئيس الجماعة ورفع القيود التي كبلت يديه طيلة فترة الوالي امهيدية من خلال حثه من جهة، ودعوة معاونيه من جهة أخرى في كل مناسبة لممارسة كامل الاختصاصات التي يخولها لهم القانون. خطوة الوالي التازي التي تحسب له، بقدر ما لها من أهمية بالغة، بقدر ما أبانت عن ضعف كبير لعمدة المدينة ومكتبه المسير في تدبير الشأن العام المحلي. مبادرة الوالي فضحت زيف ادعاءات العمدة ومساعديه بأن السلطة «ديرا العصا فالرويضة”، كشفت الحقيقة التي لطالما اختبأوا خلفها ليدروا عن خيباتهم وضعفهم ويتفادوا الإقرار بفشلهم حتى لا يواجهوا من قبل الساكنة الطنجاوية بكلمة “ارحل”..