تحوّلت جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، يوم الاثنين، إلى مشادات كلامية وصراخ وتبادل للاتهامات بين رئيس الجلسة، إدريس الشطيبي، والمعارضة من جهة، وفرق الأغلبية من جهة أخرى، وذلك بعدما احتج نواب من المعارضة على غياب الوزراء.
وأعلن الشطيبي، في بداية الجلسة، أن الرئاسة توصلت برسالة من الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، تُفيد بأنه سيتولى الإجابة نيابة عن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات، ووزيرة السياحة والاقتصاد التضامني، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، في إطار التضامن الحكومي، وهو ما وصفه شطيبي بأنه “تضامن مبالغ فيه”.
وتنص المادة 266 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أنه “يجيب عن الأسئلة، حسب كل حالة على حدة، رئيس الحكومة أو أعضاء الحكومة المعنيين بالأمر. وفي حالة تغيب عضو الحكومة الذي يتعلق السؤال بالقطاع الوزاري الذي يشرف عليه، يمكن أن ينيب عنه أحد زملائه من أعضاء الحكومة. وعند عدم القيام بذلك، خيرت النائبة أو النائب المعني بجواب الوزير بين تقديم سؤاله في الجلسة نفسها أو تأجيله إلى جلسة موالية”.
في السياق ذاته، قال رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، إن الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، من حقه في إطار التضامن الحكومي، أن ينوب عن أحد الوزراء، ولكن “ليس بالجملة”، منتقدا غياب 3 وزراء عن الجلسة وتكليفهم لزميلهم في الحكومة ليقوم مقامهم.
وأضاف السنتيسي في إطار نقطة نظام، أن الحالات الثلاثة التي يمكن أن يتغيب فيها الوزراء معروفة، وهي غير متوفرة في الوزراء الذين غابوا عن جلسة اليوم، مسجلا أن هناك أسئلة لها صبغة الآنية، ومن المفروض أن يكون أعضاء الحكومة المعنيين بها، حاضرين للرد عليها.
وبالمقابل، قال رئيس الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، “نتفهم أن تعاني المعارضة من الكسل في إنتاج بعض القضايا للمعارضة، لكن ليس لدرجة استغلال الدستور كل مرة من أجل الاعتداء على الدستور”، مسجلا أن غياب الوزراء “مشروع، وهي قضية وهمية، لأن الدستور في الفصل 93 والقانون التنظيمي لتسيير أشغال الحكومة في مادتيه 3 و9 واضحة، وأنهت الجدل”.
ومضى مستطردا: “كل وزير يتعذر عليه الحضور لسبب طارئ يمكن أن ينوب عنه وزير آخر في إطار التضامن الحكومي”، مؤكدا أن التضامن الحكومي الذي يدافع عليه دستور المملكة حاضر في هذه الجلسة.
فيما انتقد البرلماني عن الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، البرلماني عبد الرحيم بوعزة، رئيس الجلسة عن الفريق الاشتراكي، إدريس الشطيبي، حيث قال إنه “من المبادئ البيديهية والمؤسسة لهذه المؤسسة الشريفة هو مبدأ التوافق، وإذا كانت مؤسسة الرئاسة ممثلة من جميع الفرق النيابية، فهذا لا يعطي لرئيس الجلسة، أن يكون خصما وحكما في نفس الوقت، وبالتالي طريقة جوابكم، تعبر عن رأي ولا تعبر عن رأي الأغلبية”.
من جانبه، قال رئيس المجموع النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بووانو، إن الدستور حدد التوازن بين المؤسسة التشريعية والتنفيذية والتعاون، مبرزا أن قضية التضامن الحكومي محددة كذلك في النظام الداخلي لمجلس النواب، لكن لا يجب التحجج بها دائما لتبرير غياب بعض الوزراء.
وأردف بووانو “البرلمان مؤسسة تشريعية ورقابية يجب احترامها، وحضور الوزراء هو الحد الأدنى، وإن كان هناك طارئ فنحن نتفهمه ونعرفه، وهو زيارة ملكية أو مهام دبلوماسية أو أمور قاهرة، وهو ما نقدره، أما أن يغيب الوزراء وندافع عن الغياب بهذه الطريقة فلا يخدم لا الوطن ولا المؤسسات”.
وواصلت فرق المعارضة احتجاجها على غياب الوزراء، حيث انتقد رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، عبد الرحيم شهيد، بدوره دفاع فرق الأغلبية عن غياب الوزراء، حيث قال: “للأسف لا أعرف لماذا بعض النواب يضعون أنفسهم في مواقع دفاع عن الغياب عن هذه المؤسسة التشريعية، والمفروض أن الحكومة لديها من يدافع عنها، ونحن نتفهم الغيابات لكن لا يعقل أن وزير يجب أن يحضر لـ23 جلسة ولا يحضر إلا في 4 جلسات”.
وتابع شهيد: “هل هذا الوزير لديه حالة الاستثناء دائما؟ إن كان كذلك فيجب أن يكون خارج الحكومة، وإن كان خارج المغرب ويجول في العالم من أجل الاستثمار، فيجب أن يشتغل مستشارا لدى رئيس الحكومة ويقوم بهذه المهمة”، مضيفا أنه مؤخرا في كل قطب يحضر 3 وزراء فقط، ويغيب 5 إلى 6 وزراء، واصفا ذلك بأنه “احتقار للمؤسسة التشريعية” داعيا الحكومة لتحمل مسؤوليتها لرد الاعتبار للبرلمان.
أما رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، عمر احجيرة، فاعتبر أن التضامن الحكومي عندما يغيب الوزراء ليس بالأمر الجديد، وكان معمول به في كل الحكومات المتعاقبة، مطالبا رئيس الجلسة، بأن يتسع صدره لكل الآراء لأنه رئيس للجميع أغلبية ومعارضة.
وفي تعقيبه على مداخلات الفرق، قال رئيس الجلسة، إدريس الشطيبي إنه يطبق القانون فقط، قبل أن يقاطعه بعض نواب الأغلبية، ليشتد الخلاف بينهما، والذي وصل حد وصف رئيس الجلسة لفرق الأغلبية بأنها “مقاطعة حكومية عشوائية”، و”غوغائية”.
وانتقد شطيبي دفاع فرق الأغلبية عن غياب الوزراء، قائلا: “الحكومة يجب أن تدافع عن نفسها، هذه مقاطعة حكومية عشوائية، أنتم تفرطون في المؤسسة التشريعية أنتم لا تدافعون عنها، أنتم مقاطعة عشوائية حكومية نبثت تحت هذه القبة، ولا يمكن لي أن أسمح بخرق القانون”، قبل أن يرفع الجلسة لأزيد من 15 دقيقة.
وخلال استئناف الجلسة، أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، حرص الحكومة على التفاعل الإيجابي والبناء مع مؤسسة البرلمان، إن على مستوى الجلسات العمومية التي يتابعها المواطنين، أو على مستوى مختلف آليات وميكانيزمات الرقابة التي أعطاها الدستور للبرلمان.
وفي هذا الإطار، أوضح بايتاس، الوزراء المعنيون بهذا النقاش، وفي طليعتهم الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، الذي يتواجد في الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في واحد من المعارض المهمة، من أجل جلب الاستثمارات لبلادنا، واصفا ذلك بـ”العمل الوطني الكبير”.
وأشار إلى أن وزير الشغل موجود خارج أرض الوطن، لافتا إلى أنه راسل رئيس مجلس النواب، ليعبر له عن الأسباب التي منعت الوزيرين من الحضور لهذه الجلسة، وحينما قرر مكتب المجلس أن يبرمج القطاعين تفاعلت الحكومة إيجابا في إطار ما هو متعارف عليه، ويبقى للنائب البرلماني الحق في أن يطرح السؤال أو يحتفظ به إلى جلسة دستورية قادمة.
وبخصوص وزيرة الاقتصاد والمالية، أكد بايتاس، أن قطاعها حاضر وسوف يتكلف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية بالإجابة على أسئلة النواب، موضحا أن وزيرة السياحة غائبة عن الجلسة لأن لديها انشغالات طارئة مرتبطة بأجندة حكومية، وأنه سيتكلف بالإجابة عليها.
العمق