بقلم: الصحافي كريم أمزياني/ المغرب
قضية التحقيق مع عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، بشأن تمويله هاربا من العدالة، متهما في قضايا المس بأمن الدولة في الداخل والخارج، بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة.
فتزامنا مع التحقيقات القضائية معه، وفي سابقة من نوعها، وقد تكون الأولى في عهده، استعمل إدريس اليزمي رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج صلاحياته القانونية، وأصدر تعليماته، لمنح موظفي هذه المؤسسة والمتعاقدين معها، تعويضات الشهر 13 (le treizième mois) بعدما حرمهم الأمين العام منها.
وبينما كان يجب على موظفي وأطر ومتعاقدي مجلس الجالية المغربية بالخارج، أن يتوصلوا بتعويضٍ يعادل قيمة المُرتب لكل واحد منهم في آخر شهر دجنبر الماضي، كما اعتادوا على ذلك نهاية كل عام، ظل عبد الله بوصوف، الأمين العام، يتلكأ في منحها لهم، قبل أن يتدخل اليزمي، الذي ظل الجميع يعتقد أنه رئيس “صوري” لهذه المؤسسة، وأنهى حالة الترقب والانتظار في صفوفهم.
وبغض النظر عن تعويضات أعضائه عن المهام وعن مشاركتهم في دورات المجلس، رغم أن العضوية فيه تطوعية، فإن الحديث عن تعويضات الموظفين والمتعاقدين معه المحظوظين أصبح ضروريا، لأن مؤسسات قليلة بالمغرب، هي التي تمنح الشهر 13 لموظفيها، وتتعاقد “حسّي مسّي” مع المستشارين والخبراء.
فَوفق المادة 21 من الظهير المُحدث له، ومن أجل القيام بمهامه، يتوفر المجلس على موظفين ملحقين وموظفين متعاقدين خاصين به. ويمكن للمجلس أيضا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، الاستعانة بمستشارين وخبراء خارجيين، طبقا لأحكام المادة 19، غير أنه لا يوجد أي أثر لمباريات التوظيف وتعاقد الخبراء مع مجلس الجالية المغربية بالخارج بموقعه الإلكتروني وبالموقع الإلكتروني للوظيفة العمومية، علما أنه يُعدُّ من مؤسسات الدولة، ويستفيد من الميزانية العمومية التي تُحوَّل إليه كل سنة.
فالبحث في مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي يعُج بأصدقاء ومعارف بوصوف، ومنهم من لم يحضر قط في مكتبه، منهم إعلاميين وموظفين متعاقدين وأساتذة جامعيين، وجيش من المستشارين والمتعاقدين الذين تربطه معهم علاقات، قد يقود إلى فك شفرة أخطبوط متعدد الأذرع والمصالح والامتدادات، الذي يستنزف مالية الدولة.
وليست المُرتبات والتعويضات هي وحدها التي تستنزف مالية هذه المؤسسة، بل إن السفريات الكثيرة إلى الخارج، التي يستفيد منها حصرا مقربون من بوصوف، وخدمات طبع الإصدارات، ومصاريف قناة “أواصر تيفي” الإلكترونية المنشأة حديثا، وتعويض المشرفين عليها، تستحوذ على جزء مهم من الميزانية.
أضف إلى ذلك، أموال الشراكات الإعلامية التي أبرمها مع مؤسسات إعلامية بعينها، تحت غطاء إنجاز مشاريع مُستهلكة من قبيل “بورتريهات” مهاجرين مغاربة نجحوا في الخارج، إما مكتوبة أو مُصورة، وهي المؤسسات التي لم تنشر حرفا عن خبر التحقيق مع بوصوف، بل تطوعت للعب دور الناطق الرسمي بشأنه، ونشرت رده بشأن اتهامه الذي انتقده الجميع.
كل ذلك، فضلا عن الميزانية التي تُرصد سنويا لرواق المجلس في المعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي يُتوَّج كل عام “أحسن رواق”، ولا يسلك بوصوف المساطر القانونية لإنجازه، عبر اللجوء إلى إعلان طلب عروض كما تفعل كل المؤسسات، بل يختار مُقدمة خدمات واحدة منذ سنوات، بالإضافة إلى تعويضات المتدخلين في ندواته ولقاءاته ومصاريف تذاكر طيران وإقامة ضيوفه.