الصحافي أمين بوشعيب/ إيطاليا
دأبت مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج منذ تأسيسها، على دعم وتعزيز العلاقات بين المغاربة المقيمين في الخارج وبين وطنهم الأم المغرب. وذلك بهدف تقديم الدعم والمساعدة لكل المغاربة المقيمين في الخارج في مجالات متعددة، مثل التعليم والثقافة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. لكن تبقى المواكبة الدينية خلال شهر رمضان الخدمة الفضلى التي يعتز بها مغاربة الخارج أيما اعتزاز.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف النبيل تقوم المؤسسة بإيفاد بعثة متخصصة في هذا المجال تتكون من جامعيين ووعاظ ومقرئين للاضطلاع بمهام المواكبة الدينية للمغاربة المقيمين بالخارج طيلة شهر رمضان على أكمل وجه.
وتؤكد المؤسسة أن ما تقوم به من أنشطة دينية، هدفه بالأساس إحياء صلة الرحم مع أفراد الجالية المغربية، والتداول في أمور دينهم وقضاياهم الاجتماعية والحياتية طيلة أيام رمضان المبارك، من خلال ربط تركيبة البعثة من حيث تكويناتها العلمية بالمتطلبات الميدانية الفعلية المعبر عنها من طرف الجالية المغربية في كل بلد على حدة.
وهذا ما أوضحه مدير بنية التربية والتعدد الثقافي بمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج السيد إبراهيم عَبّار، في أحد اللقاءات، حيث أشار إلى أن المؤسسة -وهي تضطلع بمجال التأطير والتنشيط الديني بمناسبة شهر رمضان- تعمل على إعداد برامج تروم توخّي الفعالية والانفتاح على مختلف المجتمعات، وكذا إنتاج المعرفة والاطمئنان الروحي، درءا للانغلاق والانعزال والانحراف، من خلال ملاءمة الوعظ الموجه للجالية المغربية للخصوصيات والمتطلبات الميدانية الخاصة بكل بلد.
كما أوضح أن المؤسسة تحرص على جعل مهمة الوعاظ المبتعثين ذات أبعاد متنوعة تشمل البعد الديني المحض، والبعد التواصلي من خلال الانفتاح على مختلف المجتمعات (جامعات، ووسائل الإعلام، والمؤسسات الدينية الأخرى)، والبعد التربوي الثقافي تكريسا لمكانة المغرب العلمية وتثمين أدواره الإيجابية ليس فقط في أوساط الجالية المغربية، ومختلف الجاليات العربية والمسلمة، بل وبين أوساط بلدان الإقامة، والغاية -يبرز السيد إبراهيم عَبّار- تتجلى في إعادة إحياء وظائف المسجد “كمؤسسة” منفتحة على التفاعل مع قضايا الفضاء المحيط به.
رمضان على الأبواب، ومغاربة العالم ينتظرونه على أحرّ من الشوق، فهو بالنسبة لهم مناسبة عظيمة لإظهار تشبثهم بالوطن الحبيب، وفرصة لتعميق الروابط الوطنية، وتعزيز أواصر القرابة فيما بينهم، عبر إقامة التجمعات وتنظيم موائد للإفطار الجماعي على الطريقة المغربية، فضلا عن الانخراط في أداء الشعائر الدينية المرتبطة بهذا الشهر الفضيل بشكل جماعي.
وما فتئ المغاربة المقيمون بالخارج، يؤكدون حرصهم المتجدد، على قضاء شهر رمضان في أجواء مغربية خالصة، وذلك من خلال استحضار العادات والتقاليد المغربية الخاصة بهذا الشهر، منوّهين في نفس الوقت، بالمبادرات التي تقوم بها المؤسسة، فيما يخص إيفاد بعثات علمية وتأطيرية لمواكبتهم دينيا وضمان أمنهم الروحي.
إلى ذلك، يلاحظ مغاربة العالم أن “برنامج رمضان“ للمواكبة الدينية الذي دأبت المؤسسة تقديمه كل سنة للجالية المغربية، قد عرف تطورا لافتا للانتباه، وذلك بشهادة عدد كبير منهم. حيث صرحوا لنا في مناسبات عديدة، بأنهم يحرصون كل الحرص على الاستفادة قدر الإمكان من البعثة الدينية المغربية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بتعاون مع مؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية المقيمة بالخارج.
وعلى غرار السنوات الماضية ستوفد مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، بعثة مكونة من بعض الأساتذة الجامعيين والوعاظ وقراء القرآن الكريم، من أجل إلقاء المحاضرات وممارسة الأنشطة الدينية طوال شهر رمضان المبارك، وذلك تجاوبا مع انتظارات مغاربة العالم بأوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية. نتمنى أن يكون القادم أفضل. فشكرا جزيلا للقائمين على تدبير المؤسسة، التي تعمل على احتضان المغاربة في بلدان إقامتهم.
فلاش: إن ارتباط مغاربة العالم بوطنهم ليس مشروطا، وهو موضوع شامل يتضمن عدة جوانب، فالمغاربة المقيمون في الخارج يحتفظون بروابط قوية مع بلدهم الأصلي بمختلف الطرق والوسائل، ويتمسكون بالهوية المغربية، وحب الانتماء إليها. ولعل من أبرز الروابط التي يحرصون عليها الروابط الاجتماعية والعائلية، والروابط الثقافية واللغوية، حيث تظل العلاقات العائلية قوية بين المغاربة المقيمين في الخارج وعائلاتهم في المغرب، يقومون بزيارة الأهل والأقارب بشكل منتظم ويشاركون في المناسبات الاجتماعية والأعياد. كما يقومون بدور هام في دعم الاقتصاد المغربي من خلال إرسال التحويلات المالية إلى عائلاتهم واستثمارها في البلاد. كما تجدهم يحرصون حرصا شديدا على تعليم أبنائهم اللغة العربية، ونقل الثقافة والقيم والتقاليد المغربية إلى الأجيال القادمة. وهو ما من شأنه أن يجعلهم لا يشعرون بالبعد عن الوطن، على الرغم من كونهم يعيشون داخل مجتمعات آخرى.