في سياق مغامراتهم نحو “الفردوس الأوروبي”، وجد “مهاجرو رحلات العبور” المغاربة طريقة جديدة لتسهيل عملية طلبهم اللجوء في مطارات دول الاتحاد الأوروبي، تبدأ فقط بالبحث عن شريكة أو شريك حياة مزيف(ة).
وتصاعدت في الأيام الأخيرة استفسارات حسابات رجالية تضم هذه الفئة عبر مجموعات فيسبوكية عن وجود فتاة ترغب في خوض رحلة “ليسكال” نحو دول فرنسا وإسبانيا وألمانيا بجانبهم، وإنشاء علاقة عاطفية مزيفة لضمان عدم وجود مضايقات أو عراقيل من قبل المصالح الأمنية بالمطارات الأوروبية.
وبحسب ما اطلعت عليه جريدة المستقل من المصادر عينها، فإن هذه الطريقة “مضمونة”، طالما أن الدول الأوروبية تتجنّب التضييق على “لكوبل” (شركاء الحياة) في مسألة طلب اللجوء على أراضيها.
ولا تقتصر المسألة على وجود فتى وفتاة ضمن هذه العلاقة الاحتيالية، بل تتعداها إلى رجل مع رجل، وامرأة مع امرأة، طالما أن حقوق المثليين محمية في القارة العجوز.
وأصبحت رحلات العبور المسلك المفضل للمهاجرين الذين ينطلقون من الأراضي المغربية، منذ أن اشتد الحصار الأمني على قوارب الموت، والجيت سكي في ثغري سبتة ومليلية المحتلتين، وهو الحال أيضا مؤخرا على الحدود المائية الفاصلة بين سواحل الأقاليم الجنوبية المغربية، وجزر الكناري.
ولا تنتهي المهمة عند وجود شريكي حياة مزيفين، بل عليهما معا التنسيق لاختيار الوجهة المفضلة التي يتطلب الوصول إليها التوقف في مطارات إحدى الدول الأوروبية، وبشكل أهم يجب ألّا يثيرا الشكوك لدى السلطات الأمنية.
وقال خالد مونا، خبير في مجال الهجرة، إن “هذه الطريقة تظهر وجود استراتيجية التجديد لدى المهاجرين لمواجهة أي عرقلة أو حصار أمني بهدف الوصول إلى أوروبا”.
وأضاف مونا، في تصريح له، أن المثير للانتباه في هذه القضية، ليس المسألة المتعلقة بـ “شركاء الحياة المزيفين”، بل كون الهجرة “تشمل فئات عديدة من المجتمع، ليس فقط الفقراء، بل أيضا الميسورين، طالما أن رحلات العبور صعبة على من ليس له القدرة المالية الكافية لشراء تذاكر طيران بمبالغ كبيرة”.
وأورد المتحدث أن الأمر الآخر هو “عودة الخط المباشر بين المغرب والبرازيل، حيث مطارات مدريد وجهة المهاجرين”، موضحا أن “ظهور عراقيل يدفع المهاجرين للبحث عن سبل جديدة”.
وطرحت هذه الطريقة الجديدة إشكاليات تتعلق بـ”إمكانية وجود استغلال جسدي للنساء” خلال هذه الرحلات، وهو ما حذرت منه مجموعة من الحسابات ضمن المجموعات سالفة الذكر خلال تفاعلها مع عروض “شريك الحياة المزيّف”.
واعتبر عبد الحميد جمور، باحث متخصص في الهجرة والتنمية جنوب-جنوب، أن النساء في مجال الهجرة هن الفئة “الأكثر هشاشة وتعرّضا للاستغلال”.
وقال جمور، في تصريح لموقع “المستقل”، إن “حدوث استغلال جنسي أو جسدي، وحتى معنوي، للنساء في مجال الهجرة، وارد جدا، وهي الفئة التي تبيّن سهولة تعرضها لمثل هذه الممارسات مقارنة بالفئات الأخرى”، موضحا أن “سبب طلب المهاجرين شريكة حياة من أجل الوصول إلى أوروبا عبر الايسكال، هو وعيهم بأن الأمن الأوروبي يتعاطف مع النساء”.
ورفض المتحدث وجود طلبات “الشريك المزيّف” دون أن تقف وراءها شبكات هجرة سرية منظّمة، هي التي تبحث عن طرق جديدة للإيقاع بالضحايا كما يحدث في قوارب الموت.
وحذر جمور من هذه العروض، التي من الصعب التأكد من مصداقيتها، وتظهر بشكل عام “استدامة موضوع الهجرة، وصعوبة إيقافه، وحله بشكل نهائي”.
وعن سبب ظهور هذه الطرق الجديدة، بيّن المتخصص في مجال الهجرة أن “رحلات العبور لا تكون في البحر، وتبدأ بالبحث عن وجهة لا تتطلب التأشيرات، وثانيا بعيدة جغرافيا عن المغرب، بحيث سيكون من اللازم النزول في دولة أوروبية لاستكمال الرحلة”.
المستقل