
خلال الدورة العادية الثانية للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، التي انعقدت اليوم السبت، عبّر الأمين العام للحزب، نزار بركة، عن موقف واضح من السياق السياسي الراهن، مؤكدًا رفضه القاطع لأي انخراط مبكر في صراعات انتخابية تُلهي الفاعلين السياسيين عن مسؤولياتهم الحقيقية، وتؤثر سلبًا على الأداء الحكومي، في وقت يحتاج فيه الوطن إلى أعلى درجات الالتزام والانضباط المؤسساتي.
نزار بركة شدد على أن الدخول المبكر في سباق نحو المرتبة الأولى في انتخابات 2026، من شأنه أن يُربك العمل الحكومي ويعيق استكمال تنزيل الأوراش الإصلاحية التي ما تزال قيد الإنجاز، وهو ما ستكون له تبعات مباشرة على مصالح المواطنات والمواطنين، بل وقد يضرّ بالمصالح الاستراتيجية للمملكة في سياق داخلي وإقليمي ودولي متحرك وحساس.
وفي هذا السياق، جدّد بركة تأكيده على تمسك حزب الاستقلال بخيار التماسك الحكومي، معتبرًا أن مسؤولية الحزب تفرض الانخراط بجدية في استكمال البرنامج الحكومي، وإنجاح الأوراش الكبرى المرتبطة بتنزيل النموذج التنموي الجديد، والتفاعل البناء مع التوجيهات الملكية السامية، بعيدًا عن الحسابات السياسوية الضيقة.
وفي معرض حديثه عن القضايا الوطنية الكبرى، أكد الأمين العام لحزب الاستقلال على أن سنة 2025 ستكون محطة حاسمة في مسار القضية الوطنية الأولى، قضية الصحراء المغربية، بالنظر إلى الدينامية الدولية المتسارعة التي تشهدها هذه القضية، والتحولات الإقليمية التي تصب في مصلحة الموقف المغربي. ودعا في هذا السياق إلى تعبئة وطنية شاملة، مشيرًا إلى استعداد حزب الاستقلال الدائم للترافع والدفاع عن مغربية الصحراء بكل الوسائل السياسية والدبلوماسية، وبالاستناد إلى تاريخه العريق في مناصرة القضية الوطنية.

كما توقف نزار بركة عند عدد من التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى، سواء على الصعيد الدولي أو الوطني، مشيرًا إلى الأهمية الاستراتيجية لمشاريع من قبيل أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، ومبادرة المغرب لإحداث إطار مؤسسي يجمع الدول الإفريقية المطلة على الأطلسي، وهي خطوات تعكس رؤية المملكة بقيادة جلالة الملك محمد السادس لجعل المغرب قطبًا قارّيًا مؤثرًا وفاعلًا في هندسة المستقبل الاقتصادي والسياسي للقارة.
وفي هذا الإطار، ذكّر بركة بأن حزب الاستقلال كان دومًا فاعلًا في قلب هذه التحولات، ليس فقط بانتمائه المؤسساتي للحكومة، بل أيضًا من خلال رصيده الفكري والتاريخي، ومرجعيته الاقتصادية والاجتماعية التعادلية، التي تمنحه قوة اقتراحية متجددة تلبي طموحات المواطن المغربي.
وعلى المستوى الدولي، عبّر نزار بركة باسم حزب الاستقلال عن إدانته الشديدة للجرائم المرتكبة من طرف الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، مجددًا التأكيد على دعم الحزب اللامشروط للقضية الفلسطينية. كما شدد على أن تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم إلا على قاعدة حل الدولتين، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وتضم قطاع غزة كجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية.
رسائل نزار بركة، التي جاءت متوازنة بين الموقف الوطني الثابت والموقف الدولي المبدئي، تعكس توجه حزب الاستقلال نحو ترسيخ موقعه كفاعل سياسي عقلاني ومسؤول، يضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار، ويؤمن بأن لحظة البناء الوطني تتطلب الانخراط لا التشويش، والاقتراح لا الاصطفاف في مناورات انتخابوية سابقة لأوانها.