بقلم: ذ. فؤاد السعدي
إذا كان تحريك المساطر القضائية، ضد بعض من رؤساء وأعضاء الجماعات المحلية من طرف وزارة الداخلية أمرًا مهما وإيجابيًا لا يمكن إلا التنويه به، فإنه بالمقابل لا يمكنه أن يستثني حقيقة تغاضي بعض الولاة والعمال عن تحريك تلك المساطر ضد بعض رؤساء ومستشارين جماعيين رغم التجاوزات المسجلة ضدهم. هذا التغاضي يبقى بعيدا عن الاحتكام للقانون ويخضع لاعتبارات سياسية وشعار “أمك في العرس”.
مدينة طنجة شاهدة على هذا العبث والارتجال والعشوائية، وكيف تمارس السلطة المحلية السياسة الإنتقائية في تطبيق القانون وتسلطه على رقاب البعض دون الآخرين. وهو ما يجعلنا نتساءل باستغراب وأسف كبيرين، هل يستطيع الوالي التازي ومعه رئيس شؤون الداخلية أن يوضح للرأي العام الطنجاوي بكل شفافية وجرأة سبب استثناء أحد رؤساء المقاطعات الأربعة ومعه عمدة المدينة من المساطر القضائية الرامية إلى عزلهما من مهامهما بسبب اختلالات جسيمة وخطيرة ومخالفات صريحة للقانون ترقى إلى مستوى الأفعال الجنائية، ومصران على التفاعل بقاعدة “عين ميكا”. في حين سارعا إلى تحريك مسطرة العزل في حق رئيس مقاطعة طنجة المدينة من جهة مع إعطاء الضوء الأخضر لاستقدام عناصر تابعة للمفتشية العامة لوزارة الداخلية لمقر المقاطعة للنظر في ملفات تتعلق بالتعمير من جهة أخرى، والحال أن ملفات اختلالات خطيرة شكلت عناوين بارزة للصحافة المحلية والوطنية مرتبطة بتدبير عمدة المدينة ورئيس مقاطعة بني مكادة للشأن المحلي، لم نسجل أي رد فعل إيجابي من طرفهما منذ أن بارحا مكتبيهما سواء تعلق الأمر بهذا الموضوع أو فيما يخص قضايا تخص تنمية المدينة عموما. وهو ما يعطي الإنطباع على أن تولي الوالي التازي رئيس قسم شؤون الداخلية لتدبير شوؤن مدينة البوغاز تنبأ دون أدنى شك على فترتهما ستكون صفرية.
قد نفهم دوافع الوالي التازي من عدم تحريك مسطرة العزل في حق رئيس مقاطعة بني مكادة بسبب ارتباطه الوجداني بحزب الإستقلال أيام كان مديرا لديوان كريم غلاب بوزارة التجهيز والبيئة، وبعدها منصب مدير الإستراتيجية والبرامج والتنسيق بوزارة التجهيز والنقل، وما جناه من امتيازات مرتبطة سواء بالمنصب أو بالحزب حينها. فماذا لو كان الرئيس الذي نتحدث عنه ممثلا لحزب الوالي التازي سابقا؟ ماذا لو كان رئيس مقاطعة طنجة مدينة ينتمي لحزب نزار البركة، هل سيحرك الوالي مسطرة العزال أم سيلتزم الصمت كما يحصل اليوم؟
لكن ما لا يستوعبه العقل حتى الآن موقف الوالي ومعه رئيس الشؤون الداخلية من سوء تدبير عمدة طنجة وممارساته التي تثير العديد من علامات الاستفهام خصوصا ما يتعلق باصدار رخصة البناء الأحادية المخالفة للقانون رغم رفض الوكالة الحضرية المعلل لعدم استيفائها للشروط المعمول بها في قانون التعمير. فهل يدخل تغاضي السلطة عن هذه الخروقات في خانة باب المحابات أم هناك مآرب أخرى في الموضوع؟