أكد وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، اليوم الاثنين بالرباط، أن تحقيق رهان خفض مؤشرات حوادث السير يحتم التفكير في آليات مبتكرة بناء على تقييم موضوعي لكل ما تم اتخاذه من إجراءات منذ الشروع في تنفيذ الاستراتيجيات المتعلقة بالسلامة الطرقية.
وقال السيد عبد الجليل، خلال ترؤسه ندوة دولية حول موضوع “الممارسات الفضلى: مصدر استلهام لتطوير الاستراتيجيات الوطنية للسلامة الطرقية”، تنظمها الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية بتعاون مع منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسلامة الطرقية، إنه “رغم المكاسب المهمة التي تم تحقيقها على مختلف المستويات خلال عقدين، لا يزال رهان خفض مؤشرات حوادث السير يحتم التفكير في آليات مبتكرة”.
وذكر بأن الوزارة أطلقت، مع بداية سنة 2024، دراسة تقييمية شاملة لمنجزات المرحلة المنصرمة، والتي ستمكن من بلورة مخطط عمل جديد للخمس سنوات القادمة.
وأبرز أن انعقاد هذه الندوة الدولية، الذي يتزامن مع تقييم الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية بالمغرب، يروم بالأساس الاستفادة من أفضل الممارسات والتجارب الدولية الرائدة في مجال السلامة الطرقية، وأخذها بعين الاعتبار خلال مرحلة ملاءمة الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية وإعداد المخطط الثاني لتفعيلها.
وسجل أن النتائج المحققة في ما يخص تدبير ملف السلامة الطرقية بالمغرب وكذلك التجارب الدولية الرائدة أبانت أن تقليص معدل القتلى والجرحى ضحايا حوادث السير رهين باعتماد مقاربة شمولية ومخطط عمل هيكلي محكم يحدد المسؤوليات والعمليات والبرامج والجدولة الزمنية والاعتمادات المالية الضرورية ومؤشرات التتبع والتقييم.
ولاحظ، في هذا السياق، أن الحكومة تظل واعية بأهمية هذا الورش للحد من آفة حوادث السير على الطرق، ولديها الإرادة القوية لدعم وتطوير عمل كافة المتدخلين في هذا الميدان، كما أنها تدرك أهمية التعاون والشراكة وتبادل الخبرات والتجارب وأفضل الممارسات في مجال السلامة الطرقية وطنيا ودوليا.
وتابع أنه من هذا المنطلق، تكتسي هذه الندوة أهمية بالغة بالنسبة للمملكة، حيث تجسد منصة لتبادل الخبرات والتجارب الرائدة في تدبير ملف السلامة الطرقية في جوانبها المرتبطة بالتدبير المؤسساتي والمقاربة المنهجية ومخططات العمل المعتمدة ومستوى انخراط كافة الشركاء لتحقيق الأهداف المسطرة.
واعتبر السيد عبد الجليل أن حوادث السير تشكل عاملا سلبيا يعيق مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يتم تسجيل حوالي 3600 حالة وفاة، وأزيد من 150 ألف إصابة سنويا على الطرق الوطنية، وهو ما يمثل تكلفة مالية تبلغ حوالي 19.5 مليار درهم سنويا.
من جانبها، أبرزت مريم بيكديلي، ممثلة منظمة الصحة العالمية بالمغرب، أن هذه الندوة التي تنظم بمناسبة تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية (18 فبراير)، تأتي تزامنا مع إصدار هذه المنظمة الأممية لتقريرها برسم 2023 حول وضعية السلامة الطرقية في العالم.
وسجلت المسؤولة الأممية أن التقرير أبرز التقدم الذي أحرزته العديد من البلدان في مجال التقليص من الوفيات الناجمة عن حوادث السير، موضحة أن عشر دول نجحت في خفض عدد وفيات حوادث السير بأزيد من 50 في المئة، في حين تمكن خمسة وثلاثون بلداً آخر من خفض عدد الوفيات بنسبة تتراوح بين 30 في المئة و50 في المئة خلال الفترة نفسها.
وأضافت أن هذا يظهر بأن الجهود الرامية إلى تعزيز السلامة الطرقية أعطت ثمارها، لكنها تظل غير كافية لبلوغ أهداف التنمية المستدامة المتمثل في خفض عدد الوفيات بمعدل النصف بحلول عام 2030.
وسجلت، من جهة أخرى، أن هذه الندوة تعتبر بمثابة لقاء تحضيري للمؤتمر الوزاري العالمي الرابع للسلامة الطرقية الذي سيحتضنه المغرب خلال الفترة ما بين 18 و20 فبراير 2025، مشيرة إلى أن هذا المؤتمر يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى أنه سينظم لأول مرة في بلد إفريقي.
وعلى صعيد آخر، شكل هذا الحدث مناسبة لإعطاء الانطلاقة الرسمية للبوابة الإلكترونية e-rokhsati.narsa.gov.ma الخاصة بتقديم طلبات تجديد رخصة السياقة والحصول على نظير منها وطلب نسخة من سجل رخصة السياقة.
ويلتئم في هذه الندوة الدولية كبار المتخصصين في مجال السلامة الطرقية، الى جانب مسؤولين حكوميين معنيين بتدبير ملف السلامة الطرقية وخبراء وأكاديميين ومهنيين وفاعلين جمعويين من أجل تبادل الأفكار وتقاسم الممارسات الرائدة، وعرض التجارب الناجحة في العديد من الدول التي حققت نتائج إيجابية في بلوغ أهداف استراتيجياتها الوطنية للسلامة الطرقية.
وتتواصل فعاليات هذا اللقاء بتنظيم جلسات تتمحور أساسا حول تجارب بعض الدول في مجال السلامة الطرقية والإجراءات والاستراتيجيات المعتمدة لتقليص عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث السير.