يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل، قال إن “الحوار الاجتماعي يعد آلية لامتصاص نقص الفعالية، وتغطية إشكالية التّمثيلية يمكن أن تكون مطروحة في البناء المؤسساتي، نتيجة ظهور تعبيرات جديدة في المجتمع، وبالتالي الديمقراطية في حاجة إلى تجدد دائما في الآليات”، مسجلا أن “التجربة المغربية بخصوص الحوار الاجتماعي استطاعت مأسسته”.
وأضاف السكوري، وهو يتحدث على هامش ندوة نظّمتها وزارته في الدورة الـ29 من المعرض الدولي للنشر والكتاب، حول “الحوار الاجتماعي: من أجل مقاربة متجددة لمفهوم الوساطة السياسية”، أن جعل الحوار منتظما ودوريا “ليس كبرتوكول أو كتصور شكلي، وإنما هو تحدّ للأطراف يرفع من الجاهزية ويكون كل طرف مطالبا بتجهيز الملفات”، لافتاَ إلى أن “الحكومة تستعد والنقابات وأيضا أرباب المقاولات”.
ولفت المسؤول الحكومي ذاته إلى كون “التطورات المتلاحقة وتأثر القدرة الشرائية دفعت إلى تجديد دينامية الحوار الاجتماعي، وللحديث عن أمور جديدة، مثل حاجة الناس إلى زيادة عامة في الأجور”، موضحا أن “اللقاء مع النقابات تسوده أجواء الثقة، ولكن الحلول ليست سهلة”، وزاد: “حللنا مشكل المأسسة من الناحية البنيوية، لكون السنوات العشر السابقة لهذا الخيار لم يكن فيها الحوار ساريا بالشكل المطلوب، وهو ما خلق أزمة ثقة”.
ووضّح الوزير الوصي على التشغيل: “النقابات طالبت، حين أردنا ضخ دماء جديدة، بأن يتم الحوار في ظل قانون يلزم الحكومة، واقترحنا أن نضع بناء جديدا للمأسسة، ويكون حينها القانون تحصيل حاصل، فآمن الجميع بهذه الطريق واتجهنا فيها”، وتابع: “كان علينا أن ندمج في الحوار الاجتماعي مخرجات دقيقة تخاطب مباشرة من سيستفيد في آخر المطاف من الحوار، أي المغاربة، وإلا سيكون البناء المؤسساتي فضاء للحديث بيننا لكن نتائجه لا تسمن ولا تغني من جوع”، وواصل: “من هنا جاء الشق الثاني من الحوار الاجتماعي، وهو كل ما تم تخصيصه من ميزانيات مهمة في الحوارات القطاعية وفق توجهات الملك، تماشيا مع الممارسة الديمقراطية التي نتحرك داخلها”.
وإثر ذكر الحوارات القطاعية تطرق السكوري إلى الأزمة التي شهدها قطاع التربية والتكوين، معتبرا أن “الإشكالية تمت معالجتها وفق ما يتيحه الحوار القطاعي”، ومضيفا: “النقاشات عرفت مخاضا حاسما طيلة أربعة أشهر، ولكننا كنا مطمئنين للخلاصات، لأنه حين يكون لدينا فكر ديمقراطي لا تكون هناك تخوفات”، وزاد: “لهذا وصلنا إلى نتيجة منصفة للشغيلة التعليمية، بالإضافة إلى اتفاق 29 أبريل الأخير الذي ضمن زيادة عامة في الأجور غير مسبوقة، لأن الأزمة الجارية بدورها غير مسبوقة”.
وعاد المتحدث، الذي كان يلقي كلمة بعد الأكاديمي عبد الله ساعف، والأكاديمي محمد الطوزي، إلى التأكيد أن “الحوار الاجتماعي يوجد اليوم أمام أهداف مختلفة عن تلك التي كانت مطروحة إزاء الأجيال السابقة من الحوار”، مشددا على أن “الرهان هو ألا يكون، وفق المعطيات المستجدة، منتدى للسياسات العمومية، فلذلك لدى النقابات حساسية من التشاور، وتحبّذ توصيف التفاوض والتشاركية”، وأردف: “نحن ننتقل به من كونه منتدى للحديث فقط إلى ساحة يؤخذ فيها القرار ويكون ملزما، رغم أنه غير ملزم من الناحية القانونية”.
وأضاف وزير التشغيل: “شددنا على أن قانون الإضراب وإصلاح التقاعد ومدونة الشغل وقانون التنظيمات النقابية والقوانين الانتخابية… إلخ، هي إصلاحات ملزمة وسط إطار محدد، وذلك حتى يتم استقطاب كل التعبيرات التي لا تدخل في مجتمع النظام La societe de l’ordre لكن تدخل في مجتمع التعادلية”، مؤكدا أن “هناك محاولات لإيجاد أجوبة تستدمج التعبيرات الجديدة، لكن ليس من أجل التشاور فقط، بل من أجل أن يشعر المواطنون والمواطنات بالفرق، وهذا هو البناء الذي نحاول الدفع به”.
وأصر المتحدث على إحراج الحكومتين السابقتين بالعودة إلى “النقطة الصفر”، بحيث شدد على أن الحوار الاجتماعي كانت جميع “مؤشراته حمراء” حين جاءت الحكومة الحالية، مردفا: “كنا حينها نطرح على نفسنا في الحكومة مجموعة من الأسئلة، ووضعنا عنصر الثقة كأولوية، وحينها تساءلنا: واش كاين شي حاجة بصح غانعطيوها للناس ولا غادي نجرجروهم”، وزاد: “وضعنا الحوار الاجتماعي في بداية الولاية الحكومية ‘باش منجرجروش الناس، حيتاش مايمكنش يكون الأمر غادي لمدة 5 سنين’”، وختم قائلا: “كان لزاما حل مجموعة من المعضلات. بدأنا بالصعب وسنكمل بأمور أخرى مرتبطة بالدولة الاجتماعية، تماشيا مع التوجيهات الملكية في هذا الصدد”.