مغرب العالم: أبو بدر العرايشي/ بلجيكا
عبّر الصحافي فؤاد السعدي عن استغرابه من متابعته أمام القضاء بموجب القانون الجنائي، بسبب تدوينة نشرها على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك”، معتبرا انها لم تتضمن أي أسماء أو تلميحات مباشرة،وأن ما يتعرض له “محاولة لتكميم الأفواه وإسكات الصحافيين عبر القضاء”.

وقال الصحافي فؤاد السعدي، في تصريح لموقع “كاب أنفو”، إن “قضيتي بدأت، للأسف، بتدوينات نشرتها على صفحتي الخاصة في موقع فيسبوك، دون أن تتضمن أي أسماء أو إشارات مباشرة. كانت تلك التدوينات مجرد تعبير عن رأي شخصي، وقد لاقت تفاعلا واسعا من متابعي الصفحة. غير أنني فوجئت بتقديم شكاية ضدي من طرف أحد الأشخاص الذي اعتبر نفسه معنياً بمحتوى التدوينات، ليتم على إثرها تحريك متابعة قضائية ضدي بتهم السب والقذف ونشر أخبار كاذبة، استنادا إلى الفصل 2-447 من القانون الجنائي، بدل اللجوء إلى قانون الصحافة والنشر، الذي يُعد الإطار الطبيعي لمعالجة مثل هذه الحالات، خاصة وأنني صحافي مهني”.
وأضاف السعدي: “ما يثير المزيد من التساؤلات هو أن رئاسة النيابة العامة سبق أن أصدرت دورية رسمية رقم 33/2019، تلزم من خلالها الوكلاء العامين بعدم تحريك المتابعة ضد الصحافيين في قضايا النشر، إلا في إطار قانون الصحافة والنشر، حماية لحرية التعبير وضمانا لعدم التضييق على المشتغلين في هذا القطاع الحيوي، واليوم، أرى أن هذه المتابعة ليست فقط غير قانونية، بل إنها تستهدف إسكات صوت الصحافي، وهو أمر يبعث على القلق في بلد يسعى إلى تقديم نفسه كنموذج ديمقراطي يحترم حرية التعبير”.
وتابع المتحدث ذاته: “أعتقد أن التدوينة التي عبّرت من خلالها عن رأيي لا تستحق هذا التكييف الجنائي، ومن غير المقبول أن يُحاكم الصحافيون اليوم بمقتضى القانون الجنائي بسبب آراء أو انتقادات عادية، ومع ذلك، أؤمن بدور الصحافة كسلطة رابعة، وأدافع عن حقي كمواطن وصحافي في التعبير بحرية ومسؤولية، وأرفض بشكل قاطع أي محاولة لتكميم الأفواه أو جرّ الصحافيين إلى المحاكم بسبب آرائهم”.
وختم السعدي تصريحه قائلا: “أوجه نداء إلى القضاء لمراجعة هذا التكييف القانوني، ضمانا لاحترام القانون أولا، وصونا لحرية التعبير التي تُعد أساس أي مجتمع ديمقراطي”.
وفي سياق متصل، عبّرت الرابطة الوطنية للصحافة المهنية عن قلقها الشديد من إحالة الصحافي فؤاد السعدي على أنظار النيابة العامة، على خلفية تدوينة وُصفت من طرف أحد الأشخاص بـ”التشهير والادعاء الكاذب”، رغم خلوها من أي إشارة مباشرة أو تلميح واضح للمشتكي.
وأوضحت الرابطة، في بيان توصل به موقع “كاب أنفو”، أن المتابعة اعتمدت على تكييف قانوني لا ينسجم مع روح الدستور ولا مع مقتضيات قانون الصحافة والنشر، معتبرة أن “الإحالة على التقديم تفتقر إلى الأساس الموضوعي وتمس بمبدأ الأمن القانوني، وتشكل سابقة مقلقة في التعاطي مع حرية التعبير في البلاد”.
وشددت الهيئة على أن التدوينة المعنية “لا تتضمن عناصر تمس بالكرامة أو تحدد شخصاً بعينه بشكل مباشر أو غير مباشر”، داعية النيابة العامة المختصة إلى “التقيد بتوجيهات رئاسة النيابة العامة التي تنص على ضرورة التريث والدقة في تحريك المتابعات المرتبطة بجرائم القذف والتشهير، خاصة عندما يتعلق الأمر بصحافيين يمارسون مهامهم المهنية في إطار القانون والدستور”.
وأكدت الرابطة تضامنها المطلق مع الزميل فؤاد السعدي، ومع كافة الصحافيين الذين يواجهون متابعات بسبب آرائهم المهنية، منددة بما وصفته بـ”استعمال القضاء كأداة للضغط على الإعلام وتكميم الأفواه”.
وفي ختام بيانها، دعت الرابطة مختلف الهيئات الإعلامية والحقوقية إلى التوحد في مواجهة أي تضييق على حرية الصحافة والتعبير، والعمل المشترك من أجل صون كرامة الصحافيين وضمان استقلالية القضاء عن أي تأثير أو توظيف.